للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصلُ أنَّ كلَّ مَنْ يَثبتُ منه النَّسبُ يَثبتُ منه الرضاعُ، ومَن لا يَثبتُ منه النسبُ لا يَثبتُ منه الرَّضاعُ، وكذا البِكرُ إذا نزَلَ لها لبنٌ وهي لم تَتزوَّجْ قطُّ فالرَّضاعُ يكونُ منها خاصةً، واللهُ المُوَفِّقُ (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : المَسألةَ السابعةُ: وأمَّا هلْ يَصيرُ الرجلُ الذي لهُ اللبنُ -أعنِي زوْجَ المرأةِ- أبًا للمرضَعِ حتَّى يَحرمَ بينَهُما ومِن قِبَلِهما ما يَحرمُ مِنْ الآباءِ والأبناءِ الذينَ مِنَ النسبِ، وهي التي يُسمُّونَها لبنَ الفَحلِ؟

فإنهمُ اختَلفُوا في ذلكَ، فقالَ مالكٌ وأبو حَنيفةَ والشافعيُّ وأحمدُ والأوزاعيُّ والثوريُّ: لبنُ الفَحلِ يُحرِّمُ، وقالَت طائفةٌ: لا يحرِّمُ لبنُ الفَحلِ، وبالأوِّلِ قالَ عليٌّ وابنُ عباسٍ، وبالقولِ الثَّاني قالَت عائشةُ وابنُ الزبيرِ وابنُ عُمرَ.

وسَببُ اختلافِهم: مُعارَضةُ ظاهِرِ الكِتابِ لحَديثِ عائشةَ المشهورِ، أعني آيةَ الرَّضاعِ، وحديثُ عائشةَ هوَ قالَتْ: «جاءَ أفلَحُ أخو أبي القُعيسِ يَستأذِنُ عليَّ بعدَ أنْ أُنْزِلَ الحِجابُ، فأبيتُ أنْ آذَنَ لهُ، وسألْتُ رسولَ اللهِ فقالَ: إنه عمُّكِ فأْذَني لهُ، فقلتُ: يا رَسولَ اللهِ إنما أرضَعتْنِي المرأةُ ولمْ يُرضِعْني الرَّجلُ، فقالَ: إنه عمُّك فلْيَلجْ عليكِ» خرَّجَه البُخاريُّ ومسلمٌ ومالكٌ.


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٣، ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>