للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُنكِحْ، قالَ مالكٌ في الرَّجلِ المُحرِمِ: إنه يُراجِعُ امرَأتَه إنْ شاءَ إذا كانَتْ في عدَّةٍ منهُ (١).

وعن سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ: «أنَّ رَجلًا تزوَّجَ وهو مُحرِمٌ فأجمَعَ أهلُ المَدينةِ على أنْ يُفرَّقَ بينَهُما» (٢).

ولأنه نِكاحٌ لا يَعقبُه استِباحةُ الوَطءِ ولا القُبلةُ، فلمْ يَصحَّ كنِكاحِ المُعتدَّةِ، ولأنهُ عَقدٌ يَمنعُ الإحرامُ مِنْ مَقصودِه، فمُنعَ.

قال المالِكيةُ: «لا يَنكحُ المُحرِمُ ولا يُنكِحُ ولا يَخطبُ» أي: يَحرمُ عليهِ، وكذا يَحرمُ عليه أنْ يَحضرَ نكاحًا، فإنْ كانَ أحدُ الزَّوجينِ مُحرِمًا أو الوليُّ أو الوكيلُ مُحرِمًا حالَ العقدِ فالفَسادُ، وأَولى أكثَرُ مِنْ واحدٍ، ولا يُراعَى وَقتُ التَّوكيلِ؛ لقولِ النبيِّ : «لا يَنْكِحُ المُحرِمُ ولا يُنكِحُ»، ولأنه سَببٌ يَثبتُ به تَحريمُ المُصاهَرةِ أو سَببٌ تَصيرُ المرأةُ به فِراشًا، فوجَبَ أنْ يُحظَرَ حالَ الإحرامِ كالوَطءِ، ولأنَّ كُلَّ معنًى حَرَّمَ الطِّيبَ حرَّمَ النكاحَ كالعدَّةِ.

ولهُ أن يُراجِعَ؛ لأنه ليسَ بعَقدِ نكاحٍ، وإنما هو مِنْ حُقوقِ النكاحِ، فلم يَمنعْ منه الإحرامُ كالطَّلاقِ والظِّهارِ.

وهذا كلُّه في الوليِّ الخاصِّ، وأمَّا الحاكِمُ والقاضي يكونُ كُلٌّ منهُما مُحرمًا ويوكِّلُ حلالًا فيَصحُّ عقدُ الوكيلِ الحلالِ (٣).


(١) رواه مالك في «الموطأ» (٧٧٥).
(٢) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (٨٩٤٩).
(٣) «شرح صحيح البخاري» (٤/ ٤٠٨، ٤٠٩)، و «التمهيد» (٢/ ١٥٦، ١٥٧)، و «الاستذكار» (٤/ ١١٧، ١١٨)، و «عيون المسائل» (٢٦٦)، و «الجامع لمسائل المدونة» (٩/ ٢٦٠)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٩٧)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٢٢٢)، و «شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة» لابن أبي زيد القيرواني (٢/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>