للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ قُلنا بفسادِ العقدِ وأنه باطلٌ فلا حَدَّ عليه فيهِ لأجْلِ الشُّبهةِ، لكنْ يُعزَّرُ؛ لإقدامِه على مَنهيٍّ عنهُ، ولا يَثبتُ بالإصابةِ فيه حَصانةٌ، ولا يُستحقُّ فيه نَفقةٌ، ويَجبُ فيه بالإصابةِ مهرُ المثلِ، وهل يُحِلُّها للزوج الأولِ إذا ذاقَتْ عُسيلتَه وذاقَ عُسيلتَها أم لا؟ على قولَين:

أحَدُهما -وهو قولُه في القَديمِ-: أنه يُحِلُّها للأولِ، واختَلفَ أصحابُنا في تعليلِه، فقالَ بعضُهم: ذوقُ العُسيلةِ في شُبهةِ النكاحِ تُجرِي عليه حُكمَ الصحيحِ منَ النكاحِ، وقالَ آخَرونَ: اختصاصُه باسمِ المحلِّلِ مُوجِبٌ لاختِصاصِهِ بحُكمِ التعليلِ، فعَلى التعليلِ الأولِ تَحِلُّ بالإصابةِ في كلِّ نكاحٍ فاسدٍ مِنْ شِغارٍ ومُتعةٍ وبغيرِ وليٍّ ولا شُهودٍ، وعلى التعليلِ الثاني: لا تَحلُّ بغيرِ نكاحِ المُحلِّلِ مِنْ سائر الأنكحةِ الفاسدةِ.

والقَولُ الثاني -وهو الجَديدُ الصحيحُ-: أنَّه لا يُحِلُّها للزوجِ الأولِ، لا في نكاحِ المُحلِّلِ ولا في غيرِه مِنَ الأنكِحةِ الفاسدةِ حتَّى يَكونَ نكاحًا صحيحًا؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]، وهذا ليسَ بزَوجٍ، ولأنَّ كلَّ إصابةٍ لم يَتعلَّقْ بها إحصانٌ لم يَتعلقْ فيها إحلالُ الزوجِ كالإصابةِ بمِلكِ اليَمينِ (١).

وقالَ أيضًا: واختَلفَ أصحابُنا في علَّةِ إحلالِها لهُ، فذهبَ أبو عليٍّ بنُ أبي هريرةَ وجُمهورُ البَغداديينَ إلى أنَّ العلةَ فيه أنها مَوطوءةٌ باسمِ النكاحِ، فعَلى هذا يكونُ حُكمُ الوطءِ في كلِّ نكاحٍ فاسِدٍ كحُكمِه في نكاحِ المحلِّلِ.


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>