وأمَّا مَنْ اعتبَرَ نكاحَ المُحلِّلِ فاسدًا في كلِّ صورِه أو في بعضِ صُورِه المتقدَّمةِ فلمْ يُرتِّبْ عليهِ أيَّ حُكمٍ مِنْ أحكامِ النكاحِ الصحيحِ، ولا يحصلُ به الإحصانُ ولا الإباحةُ للزوجِ الأولِ؛ لأنَّ فَسادَ العقدِ قد سَلبَهُ حُكمَهُ وأجرَى عليه حُكمَ الشبهةِ، وهذا ما صرَّحَ بهِ المالكيةُ والشافِعيةُ في الجديدِ والحَنابلةُ.
قالَ الإمامُ أبو عمرَ يُوسفُ بنُ عبدِ البَرِّ ﵀: ونكاحُ المُحلِّلِ فاسدٌ مَفسوخٌ، وهو أنْ يتزوَّجَ امرأةً طلَّقَها غيرُه ثلاثًا ليُحِلَّها لزوجِها وأنها متَّى أصابَها طلَّقَها، فهذا المحلِّلِ الذي ورَدَ الحديثُ عنِ النبيِّ ﵇ بلَعنِه، وكُلُّ مَنْ نكحَ امرأةً ليُحلَّها لزوجِها فلا تَحلُّ لزوجِها إنْ وَطئَها بذلكَ النكاحِ، وسواءٌ عَلِمَا أو لم يَعلمَا إذا قصَدَا النكاحَ لذلكَ، ولا يُقَرُّ على نكاحِها ويُفسخُ قبلَ الدخولِ وبعدَه، وإنما يُحلِّلُها نكاحُ رَغبةٍ لا قصْدَ فيه للتحليلِ، وشرَطَ مالكٌ وأكثرُ أصحابِه أنْ يكونَ وَطؤهُ إياها مُباحًا تامًّا غيرَ مَحظورٍ لا تكونُ صائمةً ولا مُحرِمةً ولا حائضًا ولا مُعتكِفةً، فإنْ وَطئَها وطئًا تامًّا مباحًا ثم طلقَها أو ماتَ عنها حَلَّتْ للأولِ، وإلِّا لم تَحِلَّ لهُ، ومدارُ نكاحِ المحلِّلِ على الزوجِ الناكحِ، وسواءٌ شرطَ ذلكَ أو نواهُ، ومتى كانَ شيءٌ مِنْ ذلكَ فسدَ نكاحُهُ ولم يُقَرَّ عليه ولم يُحلِّلْ وَطؤُه المرأةَ لزوجِها، وعلْمُ الزوجِ المطلِّقِ وجَهلُه بذلكَ سواءٌ؛ لأنَّ المدارَ على الزوجِ الناكحِ.