للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهِ الإحلالُ أو لا، فكانَ النكاحُ بهذا الشَّرطِ نكاحًا صحيحًا، فيَدخلُ تحتَ قولِه تعالَى: ﴿حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]، فتَنتهي الحرمةُ عندَ وجودِهِ، إلَّا أنه كُرِهَ النكاحُ بهذا الشرطِ لغيرِهِ، وهوَ أنهُ شرطٌ يُنافِي المقصودَ مِنَ النكاحِ وهوَ السَّكَنُ والتوالُدُ والتعفُّفُ؛ لأنَّ ذلكَ يَقفُ على البقاءِ والدوامِ على النكاحِ.

قالَ الكاسانِيُّ : وهذا -واللهُ أعلَمُ- معنَى إلحاقِ اللعنِ بالمُحلِّلِ في قولِهِ : «لعَنَ اللهُ المُحلِّلَ والمُحلَّلَ له».

وأمَّا إلحاقُ اللعنِ بالزوجِ الأوَّلِ -وهوَ المُحلَّلُ له- فيَحتملُ أنْ يكونَ لوجهَينِ:

أحَدُهما: أنهُ سببٌ لمباشَرةِ الزوجِ الثاني هذا النكاحَ لقَصدِ الفِراقِ والطلاقِ دونَ الإبقاءِ وتَحقيقِ ما وُضعَ لهُ، والمُسبِّبُ شريكُ المباشِرِ في الإثمِ والثوابِ في التسبُّبِ للمعصيةِ والطاعةِ.

والثاني: أنه باشَرَ ما يُفضي إلى ذلكَ الذي تَنفِرُ منهُ الطباعُ السليمةُ، وتكرهُه مِنْ عَوْدِها إليهِ مِنْ مُضاجَعةِ غيرِه إيَّاها واستمتاعِهِ بها وهوَ الطَّلَقاتُ الثلاثُ، إذْ لولاها لَمَا وقَعَ فيهِ، فكانَ إلحاقُهُ اللعنَ بهِ لأجْلِ الطَّلَقاتِ، واللهُ ﷿ أعلَمُ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٧، ١٨٨)، و «المبسوط» (٣٠/ ٢٢٨)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ١٨١)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٢٥٩)، و «الاختيار» (٣/ ١٨٥، ١٨٦)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٤٩١)، و «البحر الرائق» (٤/ ٦٣)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٣٢٣، ٣٢٤)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٣٢، ٣٣٣)، و «البيان» (٩/ ٢٧٨، ٢٧٩)، و «النجم الوهاج» (٧/ ١٧٧، ١٧٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٠٣)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٣٢٦، ٣٢٧)، و «الديباج» (٣/ ٢٥١، ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>