للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قولُ أبي يوسفَ: «أنَّ التوقيتَ في النكاحِ يُفسِدُ النكاحَ» فنَقولُ: المُفسِدُ لهُ هوَ التوقيتُ نصًّا، ألَا تَرى أنَّ كلَّ نكاحٍ مؤقَّتٍ فإنه يَتوقَّتُ بالطلاقِ وبالمَوتِ وغيرِ ذلكِ، ولم يُوجَدِ التوقيتُ نصًّا فلا يَفسدُ.

وقولُ مُحمدٍ أنَّهُ «استِعجالُ ما أجَّلَه اللهُ تعالى» مَمنوعٌ، فإنَّ استعجالَ ما أجَّلَهُ اللهُ تعالى لا يُتصوَّرُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى إذا ضرَبَ لأمرٍ أجَلاً لا يَتقدَّمُ ولا يَتأخَّرُ، فإذا طلَّقَها الزوجُ الثاني تَبيَّنَ أنَّ اللهَ تعالَى أجَّلَ هذا النكاحَ إليهِ، ولهذا قُلنا: إنَّ المقتولَ ميتٌ بأجَلِه، خِلافًا للمُعتزِلةِ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٧، ١٨٨)، ويُنظَر: «المبسوط» (٣٠/ ٢٢٨)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ١٨١)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٢٥٩)، و «الاختيار» (٣/ ١٨٥، ١٨٦)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٤٩١)، و «البحر الرائق» (٤/ ٦٣) قالَ ابنُ نُجيمٍ : وهل هذا الشرطُ لازمٌ؟ قالَ في «البَزَّازية»: زوَّجَتِ المطلَّقةُ نفسَها مِنْ الثاني بشرطِ أنْ يُجامِعَها ويُطلِّقَها لتَحِلَّ للأولِ، قالَ الإمامُ: النكاحُ والشرطُ جائزانِ، حتَّى إذا أبَى الثاني طلاقَها أجبَرَه القاضي على ذلكَ، وحلَّتْ للأولِ. اه، ونقَلَه في «غاية البيان» عن «رَوضِة الزَّنْدوسنيِّ»، ورَدَّه في «فَتْح القَدير» بأنَّ هذا مما لم يُعرَفْ في ظاهرِ الروايةِ، ولا يَنبغي أنْ يُعوَّلَ عليه ولا يُحكَمَ به؛ لأنه بعدَ كونِه ضعيفَ الثبوتِ تَنبُو عنه قواعِدُ المَذهبِ؛ لأنه لا شَكَّ أنه شرطٌ في النكاحِ لا يَقتضيه العقدُ، والعُقودُ في مثلِه على قِسمين:
منها: ما يفسدُ كالبيعِ ونحوِه، ومنها: ما يبطلُ فيه ويَصحُّ الأصلُ، ولا شَكَّ أنَّ النكاحَ ممَّا لا يَبطلُ بالشروطِ الفاسدةِ، بل يَبطلُ الشرطُ ويَصحُّ هو، فيَجبُ بطلانُ هذا وأنْ لا يُجبَرَ على الطَّلاقِ، نعمْ يُكرهُ الشرطُ كما تقدَّمَ مِنْ مُجمَلِ الحديثِ ويبقَى ما وراءَه- وهو قَصدُ التحليلِ- بلا كَراهةٍ اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>