وأمَّا إنِ اشترطَ عليهِ في العقدِ أنْ يَنكحَها على أنْ يُحِلَّها للزوجِ الأوَّلِ فإذا أحَلَّها فلا نكاحَ بينَهما فهذا نكاحٌ فاسدٌ؛ لأنه نكاحٌ إلى مُدَّةٍ، وهذا أفسَدُ مِنْ نكاحِ المُتعةِ؛ لأنه إلى مدَّةٍ مَجهولةٍ، ونكاحُ المُتعةِ إلى مدَّةٍ معلومةٍ.
وهل يحلُّها للزوجِ الأولِ إذا أصابَها أم لا؟ على قولَينِ:
أحدُهما -وهوَ قولُه في الجديدِ-: أنه لا يُحِلُّها؛ لأنَّ فَسادَ العقدِ قد سَلَبَه حُكمَه وأجرَى عليهِ حكمَ الشبهةِ.
والقولُ الثاني -وهوَ قولُه في القديمِ-: أنه يُحِلُّها للزوجِ الأولِ.
واختُلفَ في علَّةِ إحلالِها لهُ، فذهبَ أبو عليٍّ بنِ أبي هُريرةَ وجُمهورُ البغداديينَ إلى أنَّ العلَّةَ فيهِ أنَّها مَوطوءةٌ باسمِ النكاحِ، فعَلى هذا يكونُ حُكمُ الوطءِ في كلِّ نكاحٍ فاسدٍ كحُكمِه في نكاحِ المُحلِّلِ.
وذهَبَ البَصريونَ إلى أنَّ العلَّةَ فيهِ إطلاقُ النبيِّ ﷺ اسمَ الإحلالِ عليهِ في نهيِهِ عنهُ، فعَلى هذا يكونُ حُكمُ الوطءِ في غيرِه مِنَ المناكِحِ الفاسدةِ غيرَ مُحِلٍّ لها، بخلافِه؛ لاختصاصِهِ بهذا الاسمِ دونَ غيرِهِ (١).
وذهَبَ الحَنفيةُ -وهوَ قولُ الإمامِ أبي حَنيفةَ وزُفرَ وعَليهِ الفَتوى- إلى أنَّ نكاحَ المُحلِّلِ صحيحٌ معَ الكراهةِ التحريميَّةِ إذا كانَ بشَرطِ التحليلِ للزوجِ الأوَّلِ، فإذا تزوَّجَها بهذا الشرطِ بأنْ قالَتِ المرأةُ لهُ:«تزوَّجْنِي فحَلِّلْنِي» أو قالَ لهُ الزوجُ الأولُ: «تزوَّجْ هذهِ المرأةَ فحلِّلْها لِي» أو قالَ