للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعنِي: إذا تزوَّجَها بشَرطِ أنْ يُطلِّقَها في وَقتٍ مُعيَّنٍ لم يَصحَّ النكاحُ، سَواءٌ كانَ مَعلومًا أو مَجهولًا، مثلَ أنْ يُشتَرطَ عليه طَلاقُها إنْ قَدِمَ أبوها أو أخوها.

وقالَ أبو حَنيفةَ: يَصحُّ النكاحُ ويَبطلُ الشرطُ، وهوَ أظهرُ قوليِ الشَّافعيِّ قالَهُ في عامَّةِ كُتبِه؛ لأنَّ النكاحَ وقَعَ مُطلَقًا، وإنِّما شرَطَ على نفسِهِ شَرطًا، وذلكَ لا يُؤثِّرُ فيهِ، كما لو شَرَطَ أنْ لا يتزوَّجَ عليها ولا يُسافرَ بها.

ولنا: إنَّ هذا شَرطٌ مانعٌ مِنْ بَقاءِ النكاحِ، فأشبَهَ نكاحَ المُتعةِ، ويُفارِقُ ما قَاسوا عليهِ؛ فإنه لم يَشترِطْ قطْعَ النكاحِ (١).

وأمَّا الشافِعيةُ فقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : لو تزوَّجَها على أنْ يُطلِّقَها بعدَ شهرٍ؛ فإنْ كانَ الشرطُ مِنْ جهةِ الزَّوجِ صحَّ العقدُ؛ لأنَّ لهُ أنْ يُطلِّقَها مِنْ غيرِ شرطٍ، وإنْ كانَ مِنْ جهةِ الزوجةِ بَطلَ العقدُ؛ لأنَّه منَعَ مِنِ استدامةِ العقدِ.

ولو تزوَّجَها على أنْ يُخالِعَها بعدَ شهرٍ؛ فإنْ كانَ الشرطُ مِنْ جَهتِها بطَلَ العقدُ، وإنْ كانَ مِنْ جهتِهِ ففي بُطلانِه وَجهانِ:

أحدُهُما: أنَّ العقدَ باطلٌ؛ لأنَّه قد أَوجَبَ عليها بالخُلعِ بذْلَ ما لا يَلزمُها.

والوجهُ الثَّاني: أنَّ العقدَ صحيحٌ، لأنَّه شَرطٌ لمْ يَمنعْ مِنْ مَقصودِ العقدِ، فصارَ عائِدًا إلى الصَّداقِ، فبَطَلَ بهِ الصداقُ، وكانَ لها مهرُ المِثلِ (٢).


(١) «المغني» (٧/ ١٣٧)، ويُنظَر: «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٢).
(٢) «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٠٨)، ويُنظَر: «بحر المذهب» للروياني (٩/ ٤٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>