للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أيَّها النَّاسُ إني كُنْتُ أَذِنتُ لكم في الاستِمتاعِ، أَلَا وإِنَّ اللهَ قدْ حرَّمَها إلى يومِ القِيامةِ» (١).

ورُويَ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ «أنَّ رَسولَ اللهِ نهَى عن مُتعةِ النِّساءِ يَومَ خَيبرَ وعن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ» رواهُ مالكٌ في «المُوَطَّأ» وأخرَجَه الأئمَّةُ النَّسائيُّ وغيرُه.

واختَلفَ أهلُ العلمِ في الجَمعِ بَينَ هذَينِ الخبَرَينِ، فقالَ قومٌ: في حديثِ عليًّ تَقديمٌ وتأخيرٌ، وتَقديرُه: أنَّ النبيَّ نهَى عن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ يومَ خيبَرَ ونهَى عن مُتعةِ النِّساءِ ولم يَذكرْ مِيقاتَ النهيِ عنها، وقد بيَّنَه الرَّبيعُ بنُ سَبرةَ في حديثِهِ أنه كانَ في حجَّةِ الوداعِ، حكاهُ الإمامُ أحمدُ عن قومِ، وذكَرَه ابنُ عبدِ البَرِّ، وقالَ الشافعيُّ: لا أعلَمُ شيئًا أحلَّه اللهُ ثمَّ حرَّمَه ثمَّ أحَلَّه ثمَّ حرَّمَه إلَّا المُتعةَ، فحُمِلَ الأمرُ على ظاهرِهِ، وأنَّ النبيَّ حرَّمَها يومَ خَيبَرَ ثمَّ أباحَها في حجَّةِ الوداعِ ثَلاثةَ أيامٍ ثمَّ حرَّمَها، ولأنهُ لا تَتعلقُ بهِ أحكامُ النكاحِ مِنْ الطلاقِ والظِّهارِ واللِّعانِ والتوارُثِ، فكانَ باطِلًا كسائرِ الأنكِحةِ الباطِلةِ، وأمَّا قولُ ابنِ عبَّاسِ فقد حُكيَ عنهُ الرجوعُ عنهُ، ورَوى أبو بكرٍ بإسنادِهِ عن سَعيدِ بنِ جُبيرٍ قالَ: قلتُ لابنِ عبَّاسٍ: لقد كثُرتِ القالَةُ في المتعةِ حتَّى قالَ فيها الشاعرُ:

أقولُ وقدْ طالَ الثَّواءُ بِنا مَعًا … يا صاحِ هلْ لكَ في فُتيَا ابنِ عبَّاسِ

هل لكَ في رُخصةِ الأطرافِ آنِسَةٌ … تَكونُ مَثواكَ حتَّى مَصدرِ النَّاسِ


(١) رواه ابن ماجه (١٩٦٢)، ورواه مسلم (١٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>