للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي فأقامَتْ معَ الزَّوجِ مُطاوِعةً لهُ في المَضجعِ وغَيرِ ذلكَ؛ لأنَّ ذلكَ دليلُ الرِّضا بالنكاحِ والمقامِ معَ الزَّوجِ، ولو فعلَتْ ذلكَ بعدَ مُضيِّ الأجلِ قبْلَ تَخييرِ القاضي لم يكنْ ذلكَ رضًا؛ لأنَّ إقامتَها معهُ بعدَ المدَّةِ قد تكونُ لاختيارهِ وقد تكونُ للاختِيارِ بحالِهِ، فلا تكونُ دليلَ الرِّضا معَ الاحتمالِ.

وهل يَبطلُ خيارُها بالقيامِ عنِ المَجلسِ؟ ذَكَرَ الكرخيُّ أنَّ ابنَ سِماعَةَ وبِشرًا قالَا عن أبي يُوسفَ: إذا خيَّرَها الحاكمُ فأقامَتْ معهُ أو قامَتْ مِنْ مَجلسِها قَبلَ أنْ تَختارَ أو قامَ الحاكمُ أو أقامَها عن مَجلسِها بعضُ أعوانِ القاضي ولم تَقُلْ شَيئًا فلا خِيارَ لها، وهذا يَدلُّ على أنَّ خِيارَها يَتقيَّدُ بالمَجلسِ، وهوَ مَجلسُ التَّخييرِ، ولم يَذكُرِ الخِلافَ، وذَكَرَ القاضي في شَرحِهِ مُختصرَ الطَّحاويِّ أنه لا يُقتصَرُ على المَجلسِ في ظاهرِ الرِّوايةِ، ورُويَ عن أبي يُوسفَ ومُحمدٍ أنهُما قالَا: يُقتصرُ على المَجلسِ كخيارِ المُخيَّرةِ.

وجهُ ما رُويَ عن أبي يُوسفَ ومُحمدٍ أنَّ تَخييرَ القاضي هَهُنا قائمٌ مَقامَ تَخييرِ الزوجِ، ثمَّ خيارُ المُخيَّرةِ بتَخييرِ الزَّوجِ يَبطلُ بقيامِها عنِ المَجلسِ، فكذا خِيارُ هذهِ، وكذا إذا قامَ الحاكمُ عنِ المَجلسِ قبْلَ أنْ تَختارَ؛ لأنَّ مَجلسَ التَّخييرِ قد بَطلَ بقيامِ الحاكمِ، وكذا إذا أقامَها عن مَجلسِها بعْضُ أعوانِ القاضي قبْلَ الاختِيارِ؛ لأنها كانَتْ قادِرةً على الاختيارِ قبْلَ الإقامةِ، فدلَّ امتناعُها معَ القُدرةِ على الرِّضا بالنكاحِ.

وجهُ ظاهرِ الرِّوايةِ -وهوَ الفَرقُ بيْنَ هذا الخِيارِ وبيْنَ خيارِ المُخيَّرةِ-

<<  <  ج: ص:  >  >>