للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما: أنْ لا خِيارَ؛ لِتكافُئِهما، وأنه ليسَ بنَقصِ أحَدِهما عنْ حالةِ صاحبِه.

والوَجهُ الثَّاني: أنَّ لكلِّ واحدٍ منهُما الخِيارُ؛ لأنه قد يَعافُ مِنْ غَيرِهِ ما لا يَعافُه مِنْ نفسِهِ مِنْ بُصاقٍ ومُخاطٍ وأَذًى (١).

وقالَ الحَنابلةُ: لكلِّ واحدٍ مِنَ الزَّوجينِ أنْ يَفسخَ النكاحَ بعَيبٍ ممَّا تَقدَّمَ، وسواءٌ وجَدَ أحَدُهما بالآخَرِ نَفسَ عَيبِه -على الصَّحيحِ- أو غيرَه؛ لأنَّ الإنسانَ يَعافُ مِنْ غَيرِه ما لا يَعافُ مِنْ نفسِهِ، إلَّا أنْ يَجدَ المَجبوبُ المرأةَ رَتقاءَ فلا يَنبغي أنْ يَثبتَ لهُمَا خِيارٌ؛ لامتِناعِ الاستِمتاعِ بعيبِ نفسِهِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : إذا أصابَ أحَدُهما بالآخَرِ عَيبًا وبهِ عيبٌ مِنْ غَيرِ جِنسِه كالأبرَصِ يَجدُ المَرأةَ مَجنونةً أو مَجذومةً فلكلِّ واحِدٍ مِنهُما الخِيارُ؛ لوُجودِ سَببِه، إلَّا أنْ يَجدَ المَجبوبُ المَرأةَ رَتقاءَ فلا يَنبغِي أنْ يَثبتَ لهُمَا الخيارُ؛ لأنَّ عَيبَه ليسَ هوَ المانعَ لصاحبِه مِنَ الاستِمتاعِ، وإنَّما امتَنعَ لعَيبِ نَفسهِ.

وإنْ وجدَ أحَدُهما بصاحبِهِ عَيبًا بهِ مثلُه ففيهِ وَجهانِ:

أحَدُهما: لا خِيارَ لهُمَا؛ لأنهُما مُتساوِيانِ ولا مَزيةَ لأحَدِهما على صاحبِهِ، فأشبَهَا الصَّحيحَينِ.

والثاني: لهُ الخِيارُ؛ لوُجودِ سَببِه، فأشبَهَ ما لو غُرَّ عَبدٌ بأمَةٍ (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٤٤)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٢٣٥، ٢٣٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٣٤، ٢٣٥)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٩، ١٠)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٣٥٩)، و «الديباج» (٣/ ٢٨٣).
(٢) «المغني» (٧/ ١٤٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>