للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : ولا أعلَمُ بينَ الصَّحابةِ خِلافًا في أنَّ العنِّينَ يُؤجَّلُ سنَةً مِنْ يومِ يُرفعُ إلى السُّلطانِ، ورُويَ ذلكَ عنَ عمرَ وعليٍّ وابنِ مَسعودٍ والمُغيرةِ بنِ شُعبةَ ، وقد ذكَرْنا الخبَرَ عَنهم بذلكَ عَنْ عمرَ وعليٍّ .

وخبَرُ عُمرَ رواهُ المدَنيُّونَ والكُوفيُّونَ والبَصريُّونَ، ولم يَختلفُوا عنهُ فيهِ.

وخبَرُ عليٍّ مِنْ رِوايةِ أهلِ الكُوفةِ خاصَّةً، وهو مُختلَفٌ عنهُ فيهِ أيضًا، ولا يَصحُّ فيهِ عنهُ شيءٌ مِنْ جهةِ الإسنادِ، واللهُ أعلَمُ …

قالَ أبو عمَرَ: على هذا جَماعةُ التَّابعِينَ بالحِجازِ والعراقِ، أنَّ العنِّينَ يُؤجَّلُ سنَةً مِنْ يومِ يُرفعُ إلى السُّلطانِ، وقد رُويَ عن بَعضِهم بأنه أجَّلَه عشرةَ أشهرٍ، وليسَ بشَيءٍ.

وإنَّما أجَّلَه سنَةً فيما ذُكِرَ واللهُ أعلمُ؛ لتَكملَ لهُ المُداواةُ والعِلاجُ في أزمانِ السنَةِ كلِّها؛ لاختِلافِ أعْراضِ العِللِ في أزمِنةِ العامِ وفُصولِه، فإنْ لم يَبرأْ في السَّنةِ يَئِسوا منهُ، وفُرِّقَ بينَهُ وبينَ امرأتِهِ.

والفُرقةُ بيْنَهما تَطليقةٌ واحِدةٌ عِنْدَ مالِكٍ وأبي حَنيفةَ وأصحابِهما والثَّوريِّ، وحجَّتُهم أنَّ الفُرقةَ واقِعةٌ لسَببٍ مِنَ الزوجِ فكانَ طلاقًا.

وقالَ الشَّافعيُّ والحسَنُ بنُ حيٍّ وأبو ثَورٍ: الفُرقةُ بيْنَهما فَسخٌ ليستْ بطَلاقٍ، قالَ الشَّافعيُّ: لأنَّ الفُرقةَ إليها دونَهُ لا تَقعُ إلَّا باختيارِها.

ولو رَضيَتْ بهِ على ذلكَ وأقامَتْ معهُ على ذلكَ لم تَقعْ فُرقةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>