للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِجرِي مُوسِرةً مَرغوبًا فيها، فأرادَ أبوها أنْ يزوِّجَها مِنْ ابنِ أخٍ لهُ فَقيرٍ -وفي «الأمَّهات»: مُعدَمًا لا مالَ لهُ- فتَرى لي في ذلكَ مُتكلَّمًا؟

قالَ: نَعمْ إنِّي لَأرى لَكِ مُتكلَّمًا، ورُويَتِ «المُدوَّنة» أيضًا بالنَّفيِ، أي: لا أرَى لَكِ مُتكلَّمًا.

والصَّوابُ الأولُ؛ لأنها سَألتْ أنَّ لها تَكلُّمًا قالَ: نَعمْ، ثمَّ أعادَ عليها أنه رَأى لها مُتكلَّمًا، ومَن رَوى: فلا أرَى -أي: على النَّفيِ- لَمْ يَستقِمْ مع قولِه قبْلُ: نَعمْ، واختَلَّ المَعنى وناقَضَ بَعضُ كلامِهِ بَعضًا.

ثمَّ قالَ ابنُ القاسمِ بعْدَ الكَلامِ السَّابقِ: وأنا أراهُ ماضِيًا، إلَّا لِضررٍ بيِّنٍ فلها التكلُّمُ.

واختُلفَ في قَولِ ابنِ القاسِمِ؛ هلْ هوَ خِلافٌ لِقولِ مالِكٍ أو وِفاقٌ؟

فمِنهُم مَنْ حمَلَه على الخِلافِ -وهوَ مَذهَبُ سحنونٍ- وقالَ: بقَولِ ابنِ القاسِمِ أقولُ، قالَ: ويَعنِي بالضَّررِ ضرَرَ البَدنِ، وأمَّا الفَقرُ فلا، ومِنهُم مَنْ قالَ: هوَ وفاقٌ، ولَعلَّ ابنَ القاسمِ لَم يَتكلَّمْ على الفَقرِ الفادِحِ المُضرِّ بها، وإنَّما تكلَّمَ على أنَّ ابنَ الأخِ بالإضافةِ إلى مالِها فَقيرٌ لِسعَةِ حالِها وكَثرةِ يُسرِها، أو أنَّ ابنَ القاسمِ تَكلَّمَ على ما بعْدَ الوُقوعِ، ومالِكٌ إنَّما تَكلَّمَ قبلَهُ، وقالَ: لها مُتكلَّمٌ، ولمْ يقُلْ: إنَّ النِّكاحَ مَفسوخٌ (١).


(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٥٢٦، ٥٢٧)، و «مواهب الجليل» (٥/ ١٠٥، ١٠٦)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٠٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥٩، ٦٠)، و «حاشية الصاوي» (٥/ ٢٩)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٩٩، ٦٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>