واحتَجَّ بقَولِه ﵊:«لا يَنْكِحُ الزَّاني المَجلودُ إلا مِثلَه»(١)، قالَ ابنُ خُوَيزِ مَندادٍ: وإنما ذكَرَ المَجلودَ لاشتهارِه بالفِسقِ، وهو الذي يَجبُ أنْ يُفرَّقَ بيْنَه وبيْنَ غيرِهِ، فأمَّا مَنْ لم يَشتهرْ بالفُسوقِ فلا. اه.
وفي «المَسائِل المَلقوطَة» قالَ ابنُ بَشيرٍ: لا خِلافَ مَنصوصٌ أنه للزوجةِ ولِمَن قامَ لها فَسخُ نكاحِ الفاسِقِ، مُرادُه الفاسِقُ بجَوارِحِه، فزواجُ الوالدِ مِنَ الفاسقِ لا يَصحُّ، وكذلكَ غيرُه مِنْ الأولياءِ.
وفي «التَّبصِرَة»: وإنْ كانَ كَسْبُه حرامًا أو كثيرَ الأَيمانِ بالطلاقِ لم يَكنْ للأبِ أنْ يُزوِّجَ ابنتَهُ منه؛ لأنَّ الغالِبَ على مِثلِ هذا الحِنْثُ والتَّمادي مَعها، فإنْ فعَلَ فرَّقَ الحاكِمُ بيْنَهما، ويُمنَعُ مِنْ تَزويجِها مَنْ يَشرَبُ الخَمرَ؛ لأنه يَدعُوها إلى ذلكَ. انتَهى مِنْ «تَسهِيل الأُمَّهاتِ».
ابنُ الحاجِبِ: وقالَ الفاكهانِيُّ في شَرحِ قَولِ الرِّسالةِ: ولا يَخطُبُ أحدٌ على خِطبةِ أخيهِ، لمَّا ذكَرَ أنه إذا خطَبَها الفاسقُ ركَنَتْ إليهِ، وللصَّالحِ أنْ يَخطبَها وهوَ أحقُّ.
قُلتُ: إنَّما يَجيءُ هذا على أحَدِ القولَينِ أنَّ نِكاحَ الفاسِقِ صَحيحُ، وهوَ المَشهورُ، وإلا فمَتى قُلنا بالقَولِ الآخَرِ فما بيْنَهما صِيغَةُ أفعَلَ، واللهُ أعلَمُ.
وهذا في الفاسِقِ بالجَوارحِ، وأمَّا الفاسقُ بالاعتِقادِ فقالَ ابنُ الحاجِبِ: مالِكٌ لا يُزوِّجُ مِنْ القَدَريَّةِ ولا يُزوَّجونَ، قالَ ابنُ عبدِ السَّلامِ: إنه يُفسَخُ.
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٠٥٢)، والحاكم في «المستدرك» (٢٧٠٠).