للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قدْ نصَّهُ وبيَّنَه بيانًا مَفروضًا، كما قالَ تعالَى: ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا﴾ [النور: ١] (١).

وقالَ ابنُ القيِّمِ : فالَّذي يَقتضيهِ حُكمُه اعتِبارُ الدِّينِ في الكَفاءةِ أصلًا وكَمالًا، فلا تُزوَّجُ مُسلِمةٌ بكافرٍ، ولا عَفيفةٌ بفاجِرٍ، ولم يَعتبِرِ القُرآنُ والسُّنةُ في الكَفاءةِ أمرًا وراءَ ذلكَ، فإنه حرَّمَ على المُسلمةِ نِكاحَ الزَّاني الخَبيثِ، ولَم يَعتبِرْ نَسبًا ولا صِناعةً ولا غِنًى ولا حُريةً، فجوَّزَ للعَبدِ القِنِّ نكاحَ الحرَّةِ النَّسيبةِ الغَنيَّةِ إذا كانَ عَفيفًا مُسلمًا، وجوَّزَ لغيرِ القُرشيِّينَ نكاحَ القُرشيَّاتِ، ولغيرِ الهاشِميِّينَ نكاحَ الهاشميَّاتِ، وللفُقراءِ نكاحَ المُوسِراتِ (٢).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : فأمَّا الكَفاءةُ فإنهمُ اتَّفقُوا على أنَّ الدِّينَ مُعتبَرٌ في ذلكَ، إلَّا ما رُويَ عن مُحمدِ بنِ الحَسنِ مِنْ إسقاطِ اعتِبارِ الدِّينِ، ولم يَختلفِ المَذهبُ أنَّ البِكرَ إذا زوَّجَها الأبُ مِنْ شارِبِ الخَمرِ وبالجُملةِ مِنْ فاسِقٍ أنَّ لها أنْ تَمنعَ نفْسَها مِنْ النِّكاحِ، ويَنظرُ الحاكمُ في ذلكَ فيُفرِّقُ بيْنَهما، وكذلكَ إنْ زوَّجَها مِمَّنْ مالُه حَرامٌ أو ممَّن هو كَثيرُ الحلِفِ بالطَّلاقِ (٣).


(١) «مجموع الفتاوى» (١٥/ ٣١٧).
(٢) «زاد المعاد» (٥/ ١٥٩، ١٦٠).
(٣) «بداية المجتهد» (٢/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>