وقولُه: ﴿يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ إنَّما هو في أهلِ الحربِ دونَ أهلِ الذمَّةِ؛ لأنه لفظٌ مُشتَقٌّ مِنْ كونِهم في حَدٍّ ونحنُ في حَدٍّ، وكذلكَ المشاقَّةُ وهو أنْ يكونُوا في شِقٍّ ونحنُ في شقٍّ، وهذه صفةُ أهلِ الحربِ دونَ أهلِ الذمَّةِ، فلذلكَ كرهُوا ذلكَ.
ولأنَّ الإنسانَ لا يأمَنُ أنْ يكونَ بينَهُما ولَدٌ، فيَنشأُ على طَبائعِ أهلِ الحربِ ويَتخلَّقُ بأخلاقِهم، فلا يَستطيعُ المُسلمُ قلْعَه عن تلكَ العادةِ.
ولئلَّا يفتنَ عن دينِه بها أو بقَومِها، فإنَّ الرجلَ يَصبُو إلى زوْجتِه بشدَّةِ مَيلِه، ولئلَّا يكثرَ سَوادَهُم بنُزولِه بينَهم (١).
وذهَبَ الحَنابلةُ في قولٍ إلى أنه يَحرمُ نكاحُ الحَربيةِ مُطلَقًا.
قالَ المِرْداويُّ ﵀: وقيلَ: يجوزُ في دارِ الإسلامِ لا في دارِ الحربِ
(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٢/ ١٨)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٢٨، ٢٢٩)، و «البحر الرائق» (٣/ ١١١)، وابن عابدين (٣/ ٤٥)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٢/ ٤٦)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٢٤٦)، و «البيان» (٩/ ٢٦٤)، و «زاد المسير» (٢/ ٢٩٧)، و «الإنصاف» (٨/ ١٣٥).