للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، ولم يَلتفتْ أحَدٌ مِنْ عُلماءِ الأمصارِ قَديمًا وحَديثًا إلى قولِه ذلكَ؛ لأنَّ إحدَى الآيتَينِ ليسَتْ بأَولى بالاستِعمالِ مِنْ الأخرَى، ولا سَبيلَ إلى نَسخِ إحداهُما بالأخرَى ما كانَ إلى استعمالِهِما سبيلٌ، فآيةُ سُورَة البقَرَة عندَ العلماءِ في الوثَنيَّاتِ والمَجوسِياتِ، وآيةُ المائِدَة في الكِتابيَّاتِ، وقد تزوَّجَ عُثمانُ بنُ عفَّانَ نائِلةَ بنتَ الفَرافصةِ الكَلبيةَ نَصرانيةً، وتزوَّجَ طَلحةُ بنُ عبدِ اللهِ يَهوديةً، وتزوَّجَ حَذيفةُ يَهوديةً وعندَه حُرَّتانِ مُسلِمتانِ عرَبيَّتانِ.

ولا أعلَمُ خِلافًا في نكاحِ الكِتابيَّاتِ الحِرائرِ بعدَ ما ذكَرْنا إذا لم تَكنْ مِنْ نساءِ أهلِ الحَربِ (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ القُرطبيُّ : واتَّفقُوا على أنه لا يجوزُ للمُسلمِ أنْ يَنكحَ الوَثنيةَ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠]، واختَلفُوا في نِكاحِها بالمِلكِ.

واتَّفقُوا على أنه يَجوزُ أنْ يَنكحَ الكِتابيةَ الحرَّةَ، إلَّا ما رُويَ في ذلكَ عن ابنِ عُمرَ (٢).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : ومنها أنْ لا تكونَ المَرأةُ مُشرِكةً إذا كانَ الرجلُ مُسلمًا، فلا يَجوزُ للمُسلمِ أنْ يَنكحَ المُشركةَ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَا


(١) «الاستذكار» (٥/ ٤٩٦).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>