للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلكَ، إلا شَيئًا يُروَى عنِ ابنِ عُمرَ ، ولم يُجِيزُوا نكاحَ المُشرِكةِ.

قالَ الإمامُ أبو بكرٍ الجصَّاصُ : إباحَةُ نكاحِ الحَرائرِ منهنَّ إذا كُنَّ ذمِّياتٍ، فهذا لا خِلافَ بينَ السَّلفِ وفُقهاءِ الأمصارِ فيه، إلَّا شَيئًا يُروَى عنِ ابنِ عُمرَ أنه كَرِهَه (١).

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : أجمَعُوا على جَوازِ نكاحِ الكِتابيةِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ : ذهَبَ جُمهورُ العلماءِ إلى أنَّ اللهَ تعالَى حرَّمَ نكاحَ المُشرِكاتِ بقولِه تعالَى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢١]، ثمَّ استَثنَى مِنْ هذهِ الجُملةِ نكاحَ نِساءِ أهلِ الكِتابِ، فأحَلَّهنَّ في سُورة المائِدة في قولِه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [المائدة: ٥]، وبَقيَ سائرُ المُشرِكاتِ على أصلِ التَّحريمِ.

قالَ أبو عُبيدٍ: رُويَ هذا القَولُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، وبه جاءَتِ الآثارُ عن الصَّحابةِ والتابعِينَ وأهلِ العِلمِ بعدَهم، أنَّ نكاحَ الكِتابيَّاتِ حَلالٌ، وبه قالَ مالكٌ والأوزاعيُّ والثوريُّ والكوفيُّونَ والشافعيُّ وعامَّةُ الفُقهاءِ.

وقالَ غَيرُه: ولا يُروَى خِلافُ ذلكَ إلا عنِ ابنِ عُمرَ أنه شَذَّ عن جَماعةِ الصَّحابةِ والتابعِينَ، ولم يُجِزْ نكاحَ اليَهوديةِ والنَّصرانيةِ، وخالَفَ ظاهِرَ قولِه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [المائدة: ٥]، ولم يَلتفِتْ أحدٌ مِنْ العُلماءِ إلى قولِه.


(١) «أحكام القرآن» (٣/ ٣٢٤).
(٢) «الاستذكار» (٥/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>