للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : إسلامُ الرَّجلِ إذا كانَتِ المَرأةُ مُسلمةً:

فلا يَجوزُ إنكاحُ المُؤمنةِ الكافِرَ؛ لقولِه تعالَى: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾ [البقرة: ٢٢١]، ولأنَّ في إنكاحِ المُؤمنةِ الكافِرَ خَوفُ وُقوعِ المُؤمنةِ في الكُفرِ؛ لأنَّ الزَّوجَ يَدعُوها إلى دِينِه، والنِّساءُ في العاداتِ يَتبعْنَ الرِّجالَ فيما يُؤثِرونَ مِنْ الأفعالِ ويُقلِّدونَهم في الدِّين إليه، وقد وقَعَتِ الإشارةُ في آخِرِ الآيةِ بقولِه ﷿: ﴿أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ [البقرة: ٢٢١]؛ لأنهم يَدعُونَ المُؤمناتِ إلى الكُفرِ، والدُّعاءُ إلى الكفرِ دعاءٌ إلى النارِ؛ لأنَّ الكُفرَ يُوجِبُ النارَ، فكانَ نكاحُ الكافرِ المُسلمةَ سَببًا داعيًا إلى الحَرامِ، فكانَ حَرامًا، والنَّصُّ وإنْ ورَدَ في المُشركينَ لكنَّ العِلَّةَ -وهي الدُّعاءُ إلى النارِ- يَعمُّ الكفَرةَ أجمَعَ، فيَتعمَّمُ الحُكمُ بعُمومِ العِلةِ، فلا يَجوزُ إنكاحُ المُسلمةِ الكتابِيَّ كما لا يجوزُ إنكاحُها الوثَنيَّ والمَجوسيَّ؛ لأنَّ الشَّرعَ قطَعَ ولايةَ الكافرِينَ عن المُؤمنينَ بقولِه تعالَى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)[النساء: ١٤١]، فلو جازَ إنكاحُ الكافرِ المُؤمنةَ لَثبَتَ له عَليها سَبيلٌ، وهذا لا يَجوزُ (١).

وقالَ الماوَرديُّ : فالمُسلمةُ لا تَحلُّ لِكافرٍ بحالٍ، سواءٌ كانَ الكافرُ كِتابيًّا أو وثَنيًّا (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧١، ٢٧٢).
(٢) «الحاوي الكبير» (٩/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>