ولا خِلافَ أنَّ وكيلَ المُصلِّي يُزوِّجُ، بخِلافِ وَكيلِ المُحرِمِ؛ لأنَّ عِبارةَ المُحرمِ غيرُ صَحيحةٍ وعبارةَ المُصلِّي صَحيحةٌ، حتَّى لو زوَّجَها في صلاتِه ناسِيًا صَحَّ النكاحُ والصَّلاةُ، بخِلافِ المُحرِمِ لو تزوَّجَ ناسيًا للإحرامِ لم يَصحَّ نكاحُه؛ لأنَّ عِبارةَ المُحرمِ غيرُ صَحيحةٍ وعبارةَ المُصلِّي صَحيحةٌ (١).
قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: ذكَرَ مُسلمٌ الاختلافَ أنَّ النبيَّ ﷺ تزوَّجَ مَيمونةَ وهوَ مُحرمٌ أو وهو حَلالٌ؟ فاختَلفَ العُلماءُ بسَببِ ذلكَ في نِكاحِ المُحرمِ.
فقالَ مالِكٌ والشافعيُّ وأحمدُ وجُمهورُ العُلماءِ مِنْ الصَّحابةِ فمَن بعدَهُم: لا يَصحُّ نكاحُ المُحرمِ، واعتَمدُوا أحادِيثَ البابِ.
وقالَ أبو حَنيفةَ والكُوفيُّونَ: يَصحُّ نِكاحُه؛ لحَديثِ قِصةِ مَيمونةَ.
وأجاب الجُمهورُ عن حَديثِ مَيمونةَ بأجوَبةٍ:
أصَحُّها: أنَّ النبيَّ ﷺ إنَّما تزوَّجَها حَلالًا، هكذا رَواهُ أكثَرُ الصَّحابةِ، قالَ القاضي وغيرُه: ولمْ يَرْوِ أنه تزوَّجَها مُحرِمًا إلَّا ابنُ عبَّاسٍ وحْدَه، ورَوَتْ مَيمونةُ وأبو رافِعٍ وغيرُهما أنه تزوَّجَها حَلالًا، وهمْ أعرَفُ بالقَضيةِ؛ لِتَعلُّقِهم به، بخِلافِ ابنِ عبَّاسٍ، ولأنهم أضبَطُ مِنْ ابنِ عبَّاسٍ
(١) «الحاوي الكبير» (٤/ ١٢٤، ١٢٦)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٧٠٥، ٧٠٦)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٩٣، ٩٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٦١، ٢٦٣)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٦١١، ٦١٣)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٢٧٨، ٢٧٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute