وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه يَصحُّ نكاحُ المَريضِ ولو كانَ مرَضَ الموتِ، إلا أنه لا تَصحُّ الزيادةُ عن مَهرِ المثلِ، ومَهرُها دَينٌ مِنْ جميعِ المالِ كسائرِ الديونِ.
وهكذا المَريضةُ إذا نكَحَتْ رجلًا صَحيحًا صَحَّ نكاحُها ووَرثَها الزوجُ، وعليهِ صَداقُها إنْ كانَ مهرَ المثلِ فما زادَ، فإنْ نكَحَتْه بأقلَّ مِنْ صَداقِ مثلِها بالمُحاباةِ فالنُّقصانُ وَصيةٌ له، فتُردُّ إنْ كانَ وارِثًا، وتَمضِي في الثلثِ إنْ كانَ الزَّوجُ غيرَ وارثٍ.
والدليلُ عليهِ قولُه تعالَى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: ٣] ولم يُفرِّقْ بينَ صَحيحٍ ومَريضٍ، ورُويَ عن مُعاذِ بنِ جَبلٍ ﵁ أنه قالَ في مرَضِه:«زوِّجُوني لِئلَّا ألقَى اللهَ عَزْبًا»، ورُويَ عن ابنِ مَسعودٍ ﵁ أنه قالَ:«لو لم يَبْقَ مِنْ أجَلِي إلا عَشرةُ أيامٍ ما أحبَبْتُ إلا أنْ تكونَ لي زَوجةٌ»، ورَوى هِشامُ بنُ عُروةَ عن أبيه أنَّ الزُّبيرَ ﵁ دخَلَ على قُدامةَ يَعودُه فبَصرَ عندَه بجاريةٍ، فقالَ قُدامةُ: زوِّجْنِي بها، فقالَ: ما تَصنعُ بها وأنتَ على هذهِ الحالةِ؟ فقالَ: إنْ أنا عِشْتُ نسَبْتُ الزُّبيرَ، وإنْ متُّ فهُمْ أحَقُّ مَنْ يَرثنِي».
ولأنَّ كلَّ مَنْ لم يُمنَعْ مِنْ التَّسرِّي بالإماءِ لم يُمنَعْ مِنْ نكاحِ الحَرائرِ كالصَّحيحِ، ولأنه فِراشٌ لا يُمنَعُ منه الصحيحِ، فوجَبَ ألا يُمنعَ منه المَريضُ كالاستِمتاعِ بالإماءِ، ولأنه عقدٌ، فلمْ يَمنعْ منه المرضُ كالبيعِ والشراءِ، ولأنه لا يَخلُو عقدُه مِنْ أنْ يكونَ لحاجةٍ أو لِشهوةٍ، فإنْ كانَ