وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه لا يَصحُّ نكاحُ المُكرَهِ ولا المُكرَهةِ.
قالَ الإمامُ القُرطبيُّ ﵀: وأمَّا نِكاحُ المكرَهِ فقالَ سحنونٌ: أجمَعَ أصحابُنا على إبطالِ نكاحِ المُكرَهِ والمُكرَهةِ، وقالُوا: لا يَجوزُ المقامُ عليهِ؛ لأنه لم يَنعقدْ.
قالَ مُحمدُ بنُ سحنونٍ: وأجازَ أهلُ العِراقِ نكاحَ المكرَهِ، وقالُوا: لو أُكرِهَ على أنْ يَنكحَ امرأةً بعَشرةِ آلافِ دِرهمٍ وصَداقُ مثلِها ألفُ دِرهمٍ أنَّ النكاحَ جائزٌ وتَلزمُه الألفُ ويَبطلُ الفَضلُ، قالَ مُحمدٌ: فكَمَا أبطَلُوا الزائِدَ على الألفِ فكَذلكَ يَلزمُهم إبطالُ النكاحِ بالإكراهِ، وقولُهم خِلافُ السُّنةِ الثابتةِ في حَديثِ خَنساءَ بنتِ خِذامٍ الأنصاريةِ، ولأمرِه ﷺ بالاستِئمارِ في أبضاعِهنَّ، وقد تقدَّمَ، فلا مَعنى لقَولِهم.
قالَ القُرطبيُّ: فإنْ وَطئَها المُكرَهُ على النكاحِ غيرَ مكرَهٍ على الوطءِ والرِّضا بالنكاحِ لَزمَه النكاحُ عندَنا على المُسمَّى مِنْ الصَّداقِ، ودُرِئَ عنه الحَدُّ، وإنْ قالَ: «وَطئْتُها على غيرِ رضًا منِّي بالنكاحِ» فعَليهِ الحَدُّ والصَّداقُ المسمَّى؛ لأنه مُدَّعٍ لإبطالِ الصداقِ المسمَّى، وتُحَدُّ المرأةُ إنْ أقدَمَتْ وهي عالِمةٌ أنه مُكرَهٌ على النكاحِ.
وأمَّا المُكرَهةُ على النكاحِ وعلى الوَطءِ فلا حَدَّ عليها، ولها الصَّداقُ، ويُحَدُّ الواطِئُ، فاعلَمْه، قالَه سحنونٌ (١).
(١) «تفسير القرطبي» (١٠/ ١٨٥)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٨/ ٢٩٩، ٣٠٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute