وقالَ الشافِعيةُ: لا بُدَّ مِنْ ثُبوتِ العَضلِ عندَ الحاكمِ ليُزوِّجَها، ولا يَتحققُ العَضلُ حتَّى يَمتنعَ بينَ يَدَي القاضي، وذلكَ بأنْ يَحضرَ الخاطِبُ والمَرأةُ والوليُّ ويأمُرَه القاضي بالتزويجِ فيقولُ:«لا أفعَلُ» أو يَسكتُ، فحِينئذٍ يزوِّجُها القاضي، وكانَ هذا فيما إذا تيسَّرَ إحضارُه عند القاضي.
فأمَّا إذا تَعذَّرَ بتعزُّزٍ أو تَوارٍ فيَجبُ أنْ يَجوزَ الإثباتُ بالبينةِ كسائرِ الحُقوقِ، وعندَ الحُضورِ لا معنَى للبينةِ، فإنه إنْ زوَّجَ وإلَّا فعَضلٌ.
ومَحلُّ تزويجِ الحاكمِ عندَ العَضلِ إذا لم يَتكرَّرْ ثلاثَ مَراتٍ، واختُلفَ هل المَراتُ الثلاثُ تكونُ في الأنكِحةِ؟ أم في العَرضِ على الحاكمِ ولو في نِكاحٍ واحدٍ؟ قالَ في «المهمَّات»: فيه نَظرٌ، والأوجَهُ الثاني (١).
وقالَ الحَنابلةُ: يَحصلُ العَضلُ إنْ تكرَّرَ مِنْ الوليِّ ثلاثًا، فإذا تكرَّرَ ذلكَ منه بأنْ خطَبَها كُفءٌ فمنَعَ وآخَرُ فمنَعَ وآخَرُ فمنَعَ صارَ ذلكَ كبيرةً تَمنعُ الولايةَ؛ لأجلِ الإضرارِ ولأجلِ الفسقِ، ولا يَفسقُ إلا أنْ يتكرَّرَ الخُطَّابُ وهو يَمنعُ، أو يَعضلَ جَماعةً مِنْ مُولِّياتِه دفعةً واحدةً، ومِن صُورِ العَضلِ المُسقطِ لوِلايتِه لو امتَنعَ الخُطَّابُ لشدَّةِ الوليِّ، قاله الشيخُ
(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٦٩٧، ٦٩٨)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٨٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٦، ٢٥٧)، و «الديباج» (٣/ ٢٠٣).