للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنهمُ اختَلفُوا فيما لو دَعَتْ إلى كُفءٍ ودعَا أبوها إلى كُفءٍ؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ إلى أنه يُقدَّمُ كُفءُ الأبِ، وكذا الجَدِّ عندَ الشافِعيةِ، ما لم يتكرَّرْ ويَتحقَّقْ عَضلُه وإضرارُه.

قالَ المالِكيةُ: لا يُعدُّ الأبُ المُجبِرُ عاضِلًا لمُجبَرتِه برَدِّه لكُفئِها رَدًّا مُتكرِّرًا؛ وذلكَ لِمَا جُبِلَ عليه الأبُ مِنْ الحَنانِ والشَّفقةِ على بنتِه، ولجَهلِها بمَصالحِ نَفسِها، فرُبَّما عَلِمَ الأبُ مِنْ حالِها أو مِنْ حالِ الخاطِبِ ما لا يُوافِقُ، فلا يُعَدُّ عاضِلًا بما ذُكِرَ حتَّى يَتحقَّقَ عَضلُه وإضرارُه ولو بمَرةٍ، فإنْ تَحقَّقَ قالَ له الإمامُ: «إمَّا أنْ تزوِّجَ وإلَّا زوَّجْناها عليكَ»؛ لأنَّ النبيَّ قالَ: «لا ضرَرَ ولا ضِرارَ» (١).

وقالَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ: إذا عيَّنَتِ المرأةُ المُجبَرةُ كُفئًا وأرادَ الأبُ أو الجَدُّ كُفئًا غيرَه فله ذلكَ وإنْ كانَ كُفؤُها يَبذلُ أكثرَ مِنْ مَهرِ المثلِ؛ لأنه أكمَلُ نَظرًا منها (٢).


(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٥٠٧)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٨٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣١)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٤٧٦)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٧٢).
(٢) «البيان» (٩/ ١٩٤، ١٩٥)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٦٩٧)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٨٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٧، ٢٥٨)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٦٠٣، ٦٠٤)، و «الديباج» (٣/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>