للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَضلِ، والنهيُ عن الشيءِ أمرٌ بضِدِّه، فإذا امتَنعَ فقدْ أضَرَّ بها، والإمامُ نُصِّبَ لدَفعِ الضَّررِ، فتَنتقلُ الولايةُ إليهِ (١).

وقد حُكيَ الإجماعُ أنه كَبيرةٌ، قالَ الإمامُ ابنُ حَجرٍ الهَيثميُّ في «الزَّواجِر عَنْ اقتِرافِ الكبَائرِ»: الكَبيرةُ الخامِسةُ والخَمسونَ بعد المِائتينِ: عَضلُ الوليِّ مُولِّيتَه عنِ النكاحِ بأنْ دعَتْه إلى أنْ يزوِّجَها مِنْ كُفءٍ لها وهي بالِغةٌ عاقِلةٌ فامتَنعَ، وكونُ هذا كَبيرةً هو ما صرَّحَ به النَّوويُّ في فتاويهِ فقالَ: أجمَعَ المُسلمونَ على أنْ العَضلَ كَبيرةٌ، لكنَّ الذي قرَّرَه هو والأئمَّةُ في تَصانيفِهم أنه صَغيرةٌ، وأنَّ كونَه كَبيرةً وجهٌ ضَعيفٌ، بل قالَ إمامُ الحرَمينِ في «النهايةِ»: لا يَحرمُ العَضلُ إذا كانَ ثَمَّ حاكمٌ، وقالَ غيرُه: يَنبغِي ألَّا يَحرمَ مُطلقًا إذا جوَّزْنا التَّحكيمِ، أي: لأنَّ الأمرَ حِينئذٍ لم يَنحصرْ في الوليِّ.

وإذا قُلنَا: «صَغيرةٌ» فتكرَّرَ فظاهِرُ كلامِ النَّوويِّ والرَّافعيِّ أنه يَصيرُ كَبيرةً، حيثُ قالَ: وليسَ العَضلُ مِنْ الكَبائرِ، وإنما يَفسقُ به إذا عضَلَ مرَّاتٍ، أقلُّها فيما حُكيَ عن بَعضِهم ثَلاثٌ. انتهى (٢).

إلا أنَّ الفقهاءَ اختَلفُوا هُنا في ثَلاثِ مَسائلَ:


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٥٢).
(٢) «الزواجر عن اقتراف الكبائر» (٢/ ٥٧٦)، ويُنظَر: «النجم الوهاج» (٧/ ٨٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٦، ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>