للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلَّقَها زَوجُها، فنزلَتْ هذه الآيةُ، فدَعاهُ النبيُّ فزوَّجَها إيَّاهُ، فروَى البُخاريُّ وغيرُه عنِ الحَسَنِ ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٢] قالَ: حدَّثَني مَعقلُ بنُ يَسارٍ أنها نزَلَتْ فيهِ، قالَ: «زوَّجْتُ أختًا لي مِنْ رَجلٍ فطلَّقَها، حتى إذا انقَضَتْ عدَّتُها جاءَ يَخطبُها، فقلتُ له: زوَّجتُكَ وفرَشتُكَ وأكرَمتُكَ فطلَّقتَها، ثُمَّ جِئتَ تَخطبُها، لا واللَّهِ لا تَعودُ إليكَ أبدًا، وكانَ رَجلًا لا بأسَ به، وكانَتِ المَرأةُ تُريدُ أنْ تَرجعَ إليه، فأَنزلَ اللَّهُ هذه الآيةَ: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٢] فقُلتُ: الآنَ أفعَلُ يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: فزوَّجَها إياه» (١).

قالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ : أجمَعَ العلماءُ على أنَّ السُّلطانَ وليُّ مَنْ لا وليَّ لهُ، وأجمَعُوا أنَّ السُّلطانَ يزوِّجُ المرأةَ إذا أرادَتِ النكاحَ ودَعَتْ إلى كُفءٍ وامتَنعَ الوليُّ مِنْ أنْ يزوِّجَها (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ يُحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العلمِ على أنَّ السُّلطانَ يزوِّجُ المرأةَ إذا أرادَتِ النكاحَ ودَعَتْ إلى كُفؤٍ وامتَنعَ الوليُّ أنْ يزوِّجَها، وهذا على مَذهبِ مالكٍ والثوريِّ والشافعيِّ وأحمدَ وإسحاقَ وأبي عُبيدٍ وأبي ثَورٍ وأصحابِ الرأيِ، وَروينَا معنَى هذا القَولِ عن عُثمانَ وشُريحٍ والنخَعيِّ، وكذلكَ نقولُ (٣).


(١) رواه البخاري (٤٨٣٧).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٢٤٩).
(٣) «الإشراف» (٥/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>