للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَجوزُ لغيرِ الأبِ والجَدِّ مِنْ الأولياءِ عندَ عدَمِهما إجبارُ الصَّغيرةِ على الزَّواجِ؛ لِما رواهُ الدَّارقطنيُّ في سُننِه عن مُحمدِ بنِ إسحاقَ عن نافعٍ عنِ ابنِ عُمرَ قالَ: «زوَّجَنِي خالِي قُدامةُ بنُ مَظعونٍ بنتَ أخيهِ عُثمانَ بنِ مَظعونٍ، فدخَلَ المُغيرةُ بنُ شُعبةَ على أمِّها فأرغَبَها في المالِ وخطَبَها إليها، فرُفعَ شأنُها إلى النبيِّ فقالَ قُدامةُ: يا رسولَ اللَّهِ ابنةُ أخي وأنا وَصيُّ أبيها ولم أقصِّرْ بها، زوَّجْتُها مَنْ قدْ عَلِمتُ فَضلَه وقَرابتَه، فقالَ رسولُ اللَّهِ : «إنَّها يَتيمةٌ، واليَتيمةُ أَولَى بأمرِها»، فنُزِعتْ مِنِّي وزوَّجَها المُغيرةَ بنَ شُعبةَ (١)، فلمْ يَجعلْ له النبيُّ تَزويجَها إلَّا بعدَ البلوغِ.

ومِن القياسِ: أنَّ كلَّ مَنْ لم يَملكْ قبْضَ صَداقِها لم يَملكْ عقْدَ نكاحِها، كالعَمِّ معَ الثيِّبِ طَردًا، أو كالسَّيدِ مع أمَتِه عَكسًا، ولأنها ثبتَتْ للأبِ في الصغيرةِ مِنْ غيرِ توَلِّيه، فوجَبَ أنْ يَختصَّ بها مِنْ بينِ العصَباتِ كولايةِ المالِ، ولأنَّ النكاحَ إذا لم يَنعقدْ كانَ فاسِدًا كالمَنكوحةِ في العدَّةِ، ولأنَّ النكاحَ لا يَنعقدُ بخيارِ التحكُّمِ والاقتراعِ قِياسًا على خِيارِ الثيِّبِ.


(١) رواه الدارقطني في «سننه» (٣٥٤٦)، وله شاهِدٌ عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «ليسَ للوَليِّ مع الثيِّبِ أمرٌ، واليَتيمةُ تُستأْمَرُ، وصَمتُها إقرارُها» حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢١٠٠)، والنسائي (٣٢٦٣)، وأحمد (٣٠٨٧)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٠٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>