للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: ٤]، فجعَلَ للَّائِي لم يَحضْنَ عدَّةَ ثلاثةِ أشهُرٍ، ولا تكونُ العدَّةُ ثلاثةَ أشهُرٍ إلا مِنْ الطلاقِ في نكاحٍ أو فَسخٍ، فدَلَّ ذلك على أنها تُزوَّجُ وتَطلُقُ، ولا إذنَ لها فيُعتبَرَ، وقالَتْ عائِشةُ : «تزوَّجَنِي النبيُّ وأنا ابنةُ سِتٍّ، وبنَى بي وأنا ابنةُ تِسعٍ» مُتفَقٌ عليه، ومَعلومٌ أنها لم تكنْ في تلكَ الحالِ ممَّن يُعتبَرُ إذنُها.

وروَى الأثرمُ أنَّ قُدامةَ بنَ مَظعونٍ تزوَّجَ ابنةَ الزُّبيرِ حينَ نَفسَتْ، فقيلَ له، فقالَ: ابنةُ الزبيرِ، إنْ متُّ وَرثتْنِي، وإنْ عِشتُ كانَتِ امرَأتي، وزوَّجَ عليٌّ ابنتَهُ أمَّ كُلثومٍ وهي صغيرةٌ عُمرَ بنَ الخطَّابِ (١).

وقالَ ابنُ القطَّانِ الفاسِيُّ : وأجمَعُوا أنَّ للأبِ أنْ يزوِّجَ ابنتَه الصغيرةَ ولا يَستأذِنَها (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ للأبِ أنْ يزوِّجَ ابنتَه الصَّغيرةَ ولا يُشاورَها؛ لتَزويجِ رسولِ اللهِ عائِشةَ وهي بِنتُ ستِّ سِنينَ، إلَّا أنَّ العِراقيينَ قالُوا: لها الخِيارُ إذا بلَغَتْ، وأبَى ذلكَ أهلُ الحِجازِ، ولا حُجَّةَ مع مَنْ جعَلَ لها الخيارُ عندِي، واللهُ أعلَمُ (٣).

وقالَ الماوَرديُّ : فأما صِغارُ الأبكارِ فلِلآباءِ إجبارُهنَّ على


(١) «المغني» (٧/ ٣٠، ٣١).
(٢) «الإقناع» (٣/ ١١٦٥) رقم (٢١٤٤).
(٣) «التمهيد» (١٩/ ٩٨)، و «الاستذكار» (٥/ ٤٠٠، ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>