للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تساوَى العَقدانِ في أنْ يفردَ كلَّ واحدٍ منهُما وليٌّ مأذونٌ له، ويَرجعَ الثاني، أي ما تعلَّقَ عليه مِنْ أحكامِ النكاحِ بالدخولِ مِنْ وُجوبِ المهرِ والعدَّةِ ولُحوقِ النسَبِ، فصارَ أَولى وأثبَتَ مِنْ الأولِ، ولأنَّ المُتنازعَينِ في المِلكِ إذا انفَردَ أحَدُهما بتصرُّفٍ ويَدٍ كانَ أَولى، كذلكَ الزوجاتُ.

ولأنَّ المرأةَ لمَّا كانَتْ مُضطرةً إلى الإذنِ لوليِّها في العقدِ عليها؛ لأنها لا يَجوزُ لها العقدُ بنَفسِها، واتُّفقَ على أنَّ لها أنْ تأذَنَ لواحدٍ ولجَماعةٍ، ولا يَلزمُ كلَّ واحدٍ التوقُّفُ عن أنْ يَعقدَ حتَّى يَعلمَ هل عقَدَ الآخَرُ أم لا؟ كانَ كلُّ واحدٍ يَعقدُ على مَنْ لا يتحقَّقُ أنه لا زوْجَ لها، بل يَجوزُ أنْ يكونَ لها زَوجٌ، وكذلكَ المَفقودُ يقدَّمُ على مَنْ يجوزُ أنْ يكونَ لها زوجٌ مع وُجودِ الأمارَةِ المؤدِّيةِ لذلكَ، وهو الإذنُ للوليِّ الآخرِ في الإنكاحِ، ووجَدْنا الأصولَ مَبنيةً على أنَّ عقْدَ الإنسانِ على مَنْ يَشكُّ في أنَّ لها زوجًا أم لا مع عدمِ الأمارةِ المُقتضيةِ للشَّكِ مَمنوعٌ، وذلكَ العقدُ على مَنْ شَكَّ في تَحريمِها عليه، وأنها لا تَحلُّ له بذلكَ العقدِ شَيئًا يُمكِنُ حُضورُه وضَبطُه، فلولا أنَّ في مَسألتِنا يَثبتُ النكاحُ في حُكمٍ، وإلَّا لم يَجزْ أنْ يباحَ للوليِّ إيقاعُه ولا للمُتزوِّجِ استباحتُه، كما أنَّ نكاحَ المُعتدةِ والمُحرِمةِ لمَّا لم يكنْ لها وجهٌ يَثبتُ معه لم يَجُزِ الإقدامُ عليهِ، وإذا ثبَتَ ذلكَ لم يَبقَ إلا تَرجيحُه بالوطءِ؛ لأنَّ أحدًا لم يُرجِّحْه بغيرِه (١).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٠٨، ٣١١) رقم (١١٤٥)، و «جامع الأمهات» (١/ ٢٥٧)، و «الذخيرة» (٤/ ٢٥٣)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٠٨، ٥٠٩)، و «القوانين الفقهية» (١/ ١٣٤)، و «التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس» لابن الجَلَّاب المالكي (١/ ٣٦٨)، و «أسهل المدارك» (٢/ ٦١)، و «شرح الزرقاني على مختصر خليل» (٣/ ٣٣٢)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٩١)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٧٤، ٥٧٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٤، ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>