للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتقَلَتِ الولايةُ للحاكمِ عندَ عدمِ قَريبٍ، إلَّا إذا كانَ الوصيُّ قَريبًا أو حاكِمًا فإنه يَملكُ التزويجَ بالوِلايةِ إنْ لم يَكنْ أحَدٌ أَولى منه.

قالَ السَّرخسيُّ : وكذلكَ إنْ كانَا -الصَّغيرُ والصغيرةُ- في حِجْرِ رَجلٍ يَعولُهما فحالُ هذا الرَّجلِ دونَ حالِ الوصيِّ، فلا يَثبتُ له وِلايةُ التزويجِ، ولأنَّ مَنْ يَعولُ الصغيرَ إنما يَملكُ عليه ما يَتمحَّضُ مَنفعةً للصغيرِ كالحِفظِ وقَبولِ الهِبةِ والصدَقةِ، والنكاحُ ليسَ بهذهِ الصفةِ (١).

وقالَ الشَّافعيةُ: ليسَ للوصيِّ ولايةُ التزويجِ وإنْ فوَّضَ إليه المُوصِي؛ إذْ ليسَ له قَرابةٌ تَدعوهُ إلى الشَّفقةِ والنظرِ، ولا حَظَّ له في الكَفاءةِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : واختَلفوا في الوَصيِّ:

فقالَ مالكٌ: يكونُ الوصيُّ وليًّا، ومنَعَ ذلك الشافعيُّ.

وسَببُ اختِلافِهم هل صِفةُ الولايةِ ممَّا يُمكِنُ أنْ يُستنابَ فيها؟ أم ليسَ يُمكنُ ذلكَ؟ ولهذا السبَبِ بعَينِه اختَلفُوا في الوكالةِ في النكاحِ، لكنَّ الجُمهورَ على جوازِها إلَّا أبا ثَورٍ، ولا فرْقَ بينَ الوكالةِ والإيصاءِ؛ لأنَّ الوصيَّ وكيلٌ بعدَ الموتِ، والوَكالةُ تَنقطعُ بالمَوتِ (٣).


(١) «المبسوط» (٤/ ٣٣٣)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٢/ ٣٤٥)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٥٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٥٤، ٥٥).
(٢) «الوسيط» (٦/ ٧٥)، و «المهذب» (١/ ٤٤٩).
(٣) «بداية المجتهد» (٢/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>