وعنهُ: لا تُستفادُ بالوَصيةِ إذا كان للمُوصِي عَصبةٌ فإنْ لم يكنْ له صحَّتْ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: واختَلفَتِ الروايةُ عن أحمدَ ﵀، هل تُستفادُ الولايةُ في النكاحِ بالوَصيةِ؟ فرُويَ أنها تُستفادُ بها، وهو اختِيارُ الخِرقيِّ؛ لقولِه:«أو وَصَّى ناظِرًا له في التَّزويجِ»، وهو قَولُ الحسَنِ وحمَّادِ بنِ أبي سُليمانَ ومالكٍ.
وعنهُ: لا تُستفادُ بالوَصيةِ، وبه قالَ الثَّوريُّ والشعبيُّ والنخَعيُّ والحارِثُ العُكليُّ وأبو حَنيفةَ والشافعيُّ وابنُ المنذِرِ؛ لأنها ولايةٌ تَنتقلُ إلى غيرِه شرعًا، فلمْ يَجُزْ أنْ يُوصيَ بها كالحضانةِ، ولأنه لا ضرَرَ على الوَصيِّ في تَضييعِها ووَضعِها عندَ مَنْ لا يُكافِئُها، فلمْ تَثبتْ له الوِلايةُ كالأجنبيِّ، ولأنها وِلايةُ نكاحٍ، فلمْ تَجُزِ الوصيةُ بها كوِلايةِ الحاكمِ.
وقالَ أبو عبدِ اللهِ بنُ حامدٍ: إنْ كانَ لها عصَبةٌ لم تَجُزِ الوصيةُ بنكاحِها؛ لأنه يَسقطُ حَقُّهم بوَصيتِه، وإنْ لم يَكنْ عصَبةٌ جازَ؛ لعَدمِ ذلكَ.
ولنَا: إنها ولايةٌ ثابتةٌ للأبِ، فجازَتْ وَصيتُه بها كولايةِ المالِ، ولأنه يَجوزُ أنْ يَستنيبَ فيها في حياتِه فيكونَ نائبَه قائمًا مَقامَه بعدَ موتِه، فجازَ أنْ يَستنيبَ فيها كولايةِ المالِ، وما ذَكرُوه يَبطلُ بوِلايةِ المالِ، فَعلى هذا لا
(١) «المغني» (٧/ ٣٩)، و «الكافي» (٢/ ٤٧٧، ٤٧٨)، و «المبدع» (٧/ ٤٠)، و «الإنصاف» (٨/ ٨٥، ٨٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦٢، ٦٣)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٦٢).