للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥]، والإخلاصُ: عمَلُ القَلبِ، وهو النِّيةُ وإرادةُ اللهِ وَحدَه دونَ غيرِه، ولقولِ النَّبيِّ : «إنَّما الأَعمَالُ بِالنِّياتِ» (١). ومَعنى النِّيةِ: القَصدُ.

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ : وأجمعَ كلُّ مَنْ يُحفَظُ عنه من أهلِ العِلمِ على أنَّ الصَّلاةَ لا تُجزِئُ إلا بنيَّةٍ.

واختَلَفوا في الوقتِ الذي يجبُ أنَّ يُحدِثَ فيه النِّيةَ لِلصَلاةِ، فكان الشافِعيُّ يَقولُ: «يَكونُ مع التَّكبيرِ، لا يَتقدَّمُ التَّكبيرَ، ولا يَكونُ بعدَه».

وحُكِيَ عن النُّعمانِ أنَّه قالَ: إذا كبَّر ولا نيَّةَ له إلا أنَّ النِّيةَ قد تَقدَّمت، فالصَّلاةُ جائِزةٌ.

قالَ أَبو بَكرٍ: بقولِ الشافِعيِّ أَقُولُ؛ لأنَّه مُوافِقٌ لِلسُّنةِ (٢).

ولا بدَّ في النِّيةِ مِنْ تَعيينِ الفَريضةِ ونَوعيةِ الصَّلاةِ: هل هي ظُهرٌ أو عَصرٌ (٣)؛ لأنَّ المُصلِّي لا يَخلو إمَّا أن يَكونَ مُنفرِدًا، وإمَّا أن يَكونَ إمامًا، وإمَّا أن يَكونَ مُقتَدِيًا، فإن كانَ مُنفرِدًا إن كانَ يُصلِّي التَّطوُّعَ تَكفيه نيَّةُ الصَّلاةِ للهِ تَعالى، لأنَّه ليس لِصَلاةِ التَّطوُّعِ صِفةٌ زائِدةٌ على أصلِ


(١) رواه البخاريُّ (١)، ومسلم (١٥٥).
(٢) «الإشراف» (٢/ ٥)، و «الإجماع» (٤٢).
(٣) «ردُّ المُحتار» (١/ ٤١٤، ٤١٥)، و «معاني الآثار» (١/ ٤٠٩)، و «حاشية الدُّسوقيِّ» (١/ ٢٣٣)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٠٢)، و «المجموع» (٣/ ٣٢٣)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٤٨)، و «كفاية الأخيار» (١٤٢)، و «المغني» (٢/ ١٣)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٣١٣)، و «الإفصاح» (١/ ١٥٢، ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>