للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا احتِجاجُ الفريقَينِ مِنْ جِهةِ المَعاني فمُحتمَلٌ، وذلكَ أنه يُمكِنُ أنْ يُقالَ: إنَّ الرُّشدَ إذا وُجدَ في المرأةِ اكتُفيَ به في عَقدِ النكاحِ كما يُكتفَى به في التصرُّفِ في المالِ، ويُشبِهُ أنْ يقالَ: إنَّ المرأةَ مائِلةٌ بالطَّبعِ إلى الرِّجالِ أكثَرَ مِنْ مَيلِها إلى تَبذيرِ الأموالِ، فاحتَاطَ الشَّرعُ بأنْ جعَلَها مَحجوزةً في هذا المعنَى على التأبيدِ، مع أنَّ ما يَلحقُها مِنْ العارِ في إلقاءِ نَفسِها في غيرِ مَوضعِ كَفاءةٍ يَتطرُّقُ إلى أوليائِها، لكنْ يكفِي في ذلكَ أنْ يكونَ للأولياءِ الفسخُ أو الحِسبةُ.

والمَسألةُ مُحتمَلةٌ كما تَرَى، ولكنَّ الذي يَغلبُ على الظنِّ أنه لو قصَدَ الشارِعُ اشتِراطَ الوِلايةِ لَبيَّنَ جنسَ الأولياءِ وأصنافَهم ومَراتبَهم، فإنَّ تأخُّرَ البيانِ عن وَقتِ الحاجةِ لا يَجوزُ، فإذا كانَ لا يَجوزُ عليهِ تأخيرُ البيانِ عن وقتِ الحاجةِ، وكانَ عُمومُ البلوَى في هذهِ المَسألةِ يَقتضِي أنْ يُنقلَ اشتِراطُ الولايةِ عنه تَواترًا أو قَريبًا مِنْ التواتُرِ ثمَّ لم يُنقلْ، فقد يَجبُ أنْ يُعتقدَ أحَدُ أمرَينِ:

إمَّا أنه ليسَتِ الوِلايةُ شَرطًا في صحَّةِ النكاحِ، وإنَّما للأولياءِ الحِسبةُ في ذلكَ.

وإمَّا إنْ كانَ شَرطًا فليسَ مِنْ صحَّتِها تَمييزُ صِفاتِ الوليِّ وأصنافِهم ومَراتبِهم، ولذلكَ يَضعُفُ قَولُ مَنْ يُبطِلُ عقْدَ الوليِّ الأبعَدِ مع وُجودِ الأقرَبِ (١).


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٦، ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>