للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ بَعضُ أصحابِنا: المَرأةُ كلُّها عَورةٌ؛ لأنَّه قد رُويَ في حَديثٍ عن النَّبيِّ : «المَرأةُ عَورةٌ» رَواهُ التِّرمِذيُّ، وقالَ: حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ، لكِن رُخِّصَ لها في كَشفِ وَجِهِها وكَفَّيها؛ لِما في تَغطيتِهما مِنْ المَشقَّةِ، وأُبيحَ النَّظرُ إلى الوَجهِ لِأَجلِ الخِطبةِ؛ لأنَّه مَجمَعُ المَحاسِنِ، وهَذا قولُ أبي بَكرٍ الحارِثِ بنِ هِشامٍ، قالَ: المَرأةُ كلُّها عَورةٌ حتى ظُفرِها.

والدَّليلُ على وُجوبِ تَغطيةِ القَدمَينِ ما رَوَت أُمُّ سَلمةَ قالَت: سُئلَ رَسولُ اللهِ أَتُصَلِّي المَرأَةُ في دِرعٍ وَخِمَارٍ ليس عليها إزَارٌ، قالَ: «إذا كانَ الدِّرعُ سَابِغًا يُغَطِّي قَدمَيهَا» (١)، رَواه أبو دَاودَ، وقالَ: وقفَه جَماعةٌ على أُمِّ سَلمةَ، ورَوى ابنُ عمرَ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «لا يَنظرُ اللهُ إلى مَنْ جَرَّ ثَوبَه خُيَلاءَ. فقالَت أُمُّ سَلمةَ: فكَيفَ يَصنَعُ النِّساءُ بِذُيولِهنَّ؟ قالَ: يُرخينَ شِبرًا، فقالَت: إذَن تَنكَشفُ أقدامُهنَّ، قالَ: فليُرخِينَهُ ذِراعًا لا يَزِدنَ عَليهِ» رَواه التِّرمِذيُّ، وقالَ حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ، وهَذا يَدلُّ على وُجوبِ تَغطيَةِ القَدمَينِ، ولأنَّه مَحَلٌ لا يجبُ كَشفُه في الإحرامِ، فلَم يَجُز كَشفُه في الصَّلاةِ، كالسَّاقَينِ.

وما ذَكَروهُ مِنْ تَقديرِ البُطلانِ بزِيادةٍ على رُبُعِ العُضوِ فتَحَكُّمٌ لا دَليلَ عليه، والتَّقديرُ: لا يُصارُ إليه بمُجرَّدِ الرَّأيِ، وقد ثَبت وُجوبُ تَغطيةِ الرَّأسِ بقولِ النَّبيِّ : «لا يَقبَلُ اللهُ صَلاةَ حائِضٍ إلا بِخِمَارٍ» أخرَجهُ التِّرمذيُّ وقالَ: حَديثٌ حَسَنٌ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٦٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>