قالَ القاضي عَبدُ الوهَّابِ المالِكيُّ ﵀: جَميعُ بَدنِ المَرأةِ عَورةٌ إلَّا وَجهَها وكَفَّيها، خِلافًا لمَن قالَ: لا يَجوزُ لها كَشفُ الوَجهِ واليَدينِ، وهو أَحمدُ بنُ حَنبَلٍ؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: ٣١]، قِيلَ: الوَجهُ والكَفَّانِ، ولأنَّ كَشفَ ذلك يَلزمُها في الإحرامِ، فلَو كانَ عَورةً لم يَجُز لها كَشفُه كبقيَّةِ بَدنِها.
ولا يَجوزُ لها كَشفُ ما عدا ذلك مِنْ بَدنِها ولا تُجزِئُها الصَّلاةُ مع كَشفِها على المَذَهبينِ، خِلافًا لِأبي حَنيفَةَ في قَولهِ: إنَّ العَورةَ مُخفَّفةٌ ومُغلَّظةٌ، فالمُغلَّظةُ القُبُلُ والدُّبُرُ، فإنِ انكَشفَ منهما أكثرُ مِنْ قَدرِ الدِّرهمِ بطَلتِ الصَّلاةُ، والمُخفَّفةُ ما عَداهُما فإنِ انكَشفَ منها أقَلُّ مِنْ الرُّبُعِ جازَ؛ لِقَولهِ تَعالى: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، ولقولِه: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: ٣١].
وحَديثِ أُمِّ سَلمةَ أنَّها قالَت: يا رَسولَ اللهِ، تُصلِّي المَرأةُ بخِمارٍ ودِرعٍ إذا لم يَكنُ عليها إِزارٌ، فقالَ:«نَعم إذا كانَ سابِغًا يُغطِّي قَدمَيها»(١).
ولأنَّ كلَّ عُضوٍ انكَشَفَ رُبُعُهُ منعَ صحَّةَ الصَّلاةِ، فكَذلكَ إذا انكشَفَ أقَلُّ مِنْ رُبُعِه، كالعَورةِ المُغلَّظةِ، ولأنَّه كَشفَ من عَورتِه ما قدَر على سُترتِه