الأَعلامِ، وأئِمةِ الإسلامِ. طلَبَ الحَديثَ، وهو ابنُ سِتَّ عَشرةَ سَنةً، وخرَجَ إلى الكُوفةِ عامَ ماتَ هُشيمٌ؛ عامَ ثَلاثةٍ وثَمانينَ ومِئةٍ، وهو أوَّلُ سَفرٍ، وخرَجَ إلى البَصرةِ عامَ سِتةٍ وثَمانينَ، وخرَجَ إلى سُفيانَ بنِ عُيَينةَ إلى مَكةَ عامَ سَبعةٍ وثَمانينَ، وقد ماتَ الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ، وهو أولُ عامٍ حَجَّ فيه، وخرَجَ إلى عبدِ الرَّازقِ بصَنعاءَ اليَمنِ، عامَ سَبعةٍ وتِسعينَ، ورافَقَ يَحيى بنَ مَعينٍ.
قالَ يَحيى: فلمَّا خرَجنا إلى عبدِ الرازقِ، إلى اليَمنِ، حجَجْنا، فبَيْنا أنا بالطَّوافِ إذا بعَبدِ الرازقِ في الطَّوافِ، فسلَّمتُ عليه، وقُلتُ له: هذا أَحمدُ بنُ حَنبلٍ، فقالَ: حَيَّاه اللهُ وثبَّتَه، فإنَّه بلَغَني عنه كلُّ جَميلٍ.
فقُلتُ لأَحمدَ: قد قرَّبَ اللهُ خُطانا، ووفَّرَ علينا النَّفقةَ، وأَراحَنا من مَسيرةِ شَهرٍ، فقالَ: إنِّي نَويتُ ببَغدادَ أنْ أسمَعَ عنه بصَنعاءَ، واللهِ لا غيَّرتُ نِيَّتي، فخرَجنا إلى صَنعاءَ فنَفِدت نَفقتُه، فعرَضَ علينا عبدُ الرازقِ دَراهمَ كَثيرةً، فلم يَقبَلْها، فقالَ: على وَجهِ القَرضِ، فأبَى وعرَضْنا عليه نَفقاتِنا، فلم يَقبَلْ، فاطَّلَعنا عليه وإذا هو به يَعمَلُ التكَّ (١) ويُفطرُ على ثَمنِها، واحتاجَ مَرةً، فأكرَى نَفسَه للجَمالِينَ، وحَجَّ خَمسَ حَجَّاتٍ، ثَلاثَ حِججٍ ماشيًا، واثنتَينِ راكِبًا، وأنفَقَ في بعضِ حَجَّاتِه عِشرينَ دِرهمًا.
وكانَ من أَصحابِ الإِمامِ الشافِعيِّ وخَواصِّه، ولم يَزلْ يُصاحبُه إلى أن ارتحَلَ الشافِعيُّ إلى مِصرَ، وكانَ الشافِعيُّ يُجلُّه، ويُثني عليه ثَناءً حَسنًا.
(١) كذا، ولم يُصرِّحْ بمَعناهُ واللهُ أَعلَمُ مَعناها (السكاكر).