للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإسكانِ الياءِ-: وهي التي غابَ عنها زَوجُها، والمرادُ غابَ زَوجُها عن مَنزلِها، سواءٌ غابَ عن البلدِ بأنْ سافَرَ، أو غابَ عن المَنزلِ وإنْ كانَ في البَلدِ، هكذا ذكَرَه القاضي وغيرُه، وهذا ظاهِرٌ مُتعيِّنٌ، قالَ القاضي: ودَليلُه هذا الحَديثُ، وأنَّ القصَّةَ التي قيلَ الحَديثُ بسَببِها وأبو بكرٍ غائِبٌ عن مَنزلِه لا عنِ البلدِ، واللهُ أعلَمُ.

ثمَّ إنَّ ظاهِرَ هذا الحَديثِ جوازُ خَلوةِ الرَّجلينِ أو الثَّلاثةِ بالأجنَبيةِ، والمَشهورُ عندَ أصحابِنا تَحريمُه، فيُتأوَّلُ الحديثُ على جَماعةٍ يَبعُدُ وقوعُ المُواطَأةِ منهم على الفاحشةِ لصَلاحِهم أو مُروءَتهم أوغيرِ ذلكَ، وقد أشارَ القاضي إلى نحوِ هذا التأويلِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ مُفلحٍ : ولا يَخلُو أجانِبُ بأجنَبيةٍ، ويُتوجَّهُ وَجهٌ؛ لِما رواهُ أحمدُ ومُسلمٌ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو «أنَّ نفَرًا مِنْ بَني هاشمٍ دَخلُوا على أسماءَ بنتِ عُمَيسٍ، فدخَلَ أبو بكرٍ وهي تحتَه يَومئذٍ، فرَآهُم فذكَرَ ذلكَ لرَسولِ اللهِ وقالَ: لم أَرَ إلَّا خَيرًا، فقالَ رسولُ اللهِ : إنَّ اللهَ قد بَرَّأَها مِنْ ذلكَ، ثمَّ قامَ رسولُ اللهِ على المِنبَرِ فقالَ: «لا يَدخُلَنَّ رَجلٌ بعدَ يَومي هذا على مُغيبةٍ إلَّا ومعه رَجلٌ أو اثنانِ»، وتأوَّلَه بعضُ المالِكيةِ والشَّافعيةِ على جَماعةٍ يَبعُدُ التَّواطؤُ منهم على الفاحشةِ.


(١) «شرح صحيح مسلم» (١٤/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>