للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى الشَّافعيُّ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ أنَّ اليَهودَ كانَتْ تقولُ: مَنْ أتَى امرأةً في قُبلِها مِنْ دُبرِها جاءَ ولَدُه أحوَلَ، فأنزلَ اللهُ تعالَى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]، وأنَّ رَجلًا سألَ رسولَ اللهِ عن ذلكَ، فقالَ النبيُّ : «في أيِّ الخربَتَيْنِ؟ أو في أيِّ الخَرَزَتينِ؟ أو في أيِّ الخصفَتَينِ؟ أمِنْ دُبرِها في قُبلِها فنَعمْ، أم مِنْ دُبرِها في دُبرِها فلا، إنَّ اللهَ لا يَستحِيي مِنْ الحَقِّ، لا تَأتوا النِّسَاءَ في أدبارهِنَّ».

ولأنهُ إجماعُ الصَّحابةِ، رُويَ ذلكَ عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ وعبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ وابنِ مَسعودٍ وأبي الدَّرداءِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ويَحرمُ وَطءُ امرأتِه وجارِيتِه في دُبرِها؛ لقولِ النبيِّ : «إنَّ اللهَ لا يَستحِيي مِنْ الحَقِّ، لا تَأتُوا النِّساءَ في أدبارِهنَّ» رواهُ ابنُ ماجَه، ولأنه ليسَ بمَحلٍّ للولَدِ أشبَهَ دُبرَ الغُلامِ، ولا حَدَّ فيه؛ لأنه في زَوجتِه وما ملَكَتْ يَمينُه، فيكونُ شُبهةً، ولكن يُعزَّرُ؛ لِمَا ذكَرْنا (٢).

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : وأمَّا إتيانُ النِّساءِ في أدبارِهنَّ فهذا مُحرَّمٌ عندَ جُمهورِ السَّلفِ والخلَفِ، كما ثبَتَ ذلكَ في الكِتابِ والسُّنةِ، وهو المَشهورُ في مَذهبِ مالكٍ، وأمَّا القولُ الآخَرُ بالرُّخصةِ فيه فمِن النَّاسِ مَنْ يَحكيه رِوايةً عن مالِكٍ، ومِنهم مَنْ يُنْكِرُ ذلك (٣).


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٣١٧، ٣١٩).
(٢) «الكافي» (٤/ ٢١٠).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٢٦٥، ٢٦٦)، ويُنظَر: «زاد المعاد» (٤/ ٢٦٠، ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>