للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ماءٍ؛ لأنَّ المَرئيَّ مِثالُه لا عَينُه، بخِلافِ ما لو نظَرَ مِنْ زُجاجٍ أو مِاءٍ هي فيه؛ لأنَّ البصَرَ يَنفذُ في الزِّجاجِ والماءِ فيَرَى ما فيهِ، ومَفادُ هذا أنه لا يَحرمُ نظَرُ الأجنَبيةِ مِنْ المِرآةِ أو الماءِ، إلَّا أنْ يُفرَّقَ بأنَّ حُرمةَ المُصاهَرةِ بالنَّظرِ ونحوِه شُدِّدَ في شُروطِها؛ لأنَّ الأصلَ فيها الحِلُّ، بخِلافِ النَّظرِ؛ لأنه إنَّما مُنِعَ منه خَشيةَ الفِتنةِ والشَّهوةِ، وذلكَ مَوجودٌ هنا.

ورأيْتُ في فَتاوَى ابنِ حَجَرٍ مِنْ الشَّافعيةِ ذكَرَ فيهِ خِلافًا بينَهُم، ورجَّحَ الحُرمةَ بنحوِ ما قُلناهُ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ حَجرٍ الهَيتميُّ في شَرحهِ لقَولِ النَّوويِّ في «المِنهَاج»: (ويَحرمُ نظَرُ فَحلٍ بالغٍ إلى عَورة حُرَّةٍ): خرَجَ مِثالُها -أي العَورَة- فلا يَحرمُ نظَرُه في نَحوِ مِرآةٍ، كما أفتَى به غيرُ واحِدٍ، ويُؤيِّدُه قَولُهم: «لو علَّقَ الطَّلاقَ برُؤيتِها لم يَحنثْ برُؤيةِ خَيالِها في نحوِ مِرآةٍ؛ لأنَّه لم يَرَها»، ومَحلُّ ذلكَ كما هو ظاهِرٌ حيثُ لم يَخْشَ فِتنةً ولا شَهوةً، وليسَ مِنها -أي العَورَة- الصَّوتُ، فلا يَحرمُ سَماعُه إلَّا إنْ خَشِيَ منه فِتنةً، وكذا إنِ الْتَذَّ به، كما بحَثَه الزَّركشيُّ، ومِثلُها في ذِلكَ الأمرَدُ (٢).

وكذا نَصَّ الرَّمليُّ الشَّافعيُّ عندَ شَرحِه لقَولِ النَّوويِّ في «المِنهَاج»: (ويَحرمُ نظَرُ فَحلٍ بالغٍ إلى عَورةِ حرَّةٍ): خرَجَ مِثالُها، فلا يَحرمُ نظَرُه في


(١) «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٣٧٢).
(٢) «تحفة المحتاج» (٨/ ٤٨٦، ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>