للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أبو بكرٍ: كَراهيَةُ أحمدَ النَّظرَ إلى ساقِ أمِّهِ وصَدرِها على التوقِّي؛ لأنَّ ذلكَ يدعُو إلى الشَّهوةِ، يعني أنه يُكرهُ ولا يَحرمُ.

وقالَتْ سَهلةُ بنتُ سُهيلٍ: «يا رسولَ اللهِ إنَّا كُنَّا نَرَى سالِمًا ولَدًا، وكانَ يَأوي معي ومع أبي حُذيفةَ في بَيتٍ واحِدٍ ويَراني فُضُلًا، وقد أَنزلَ الله ﷿ فيهم ما قد عَلِمْتَ، فكيفَ تَرَى فيه؟ فقالَ لها النبيُّ : أرضِعِيه، فأرضَعَتْه خَمْسَ رَضَعاتٍ، فكانَ بمَنزِلةِ ولَدِها مِنْ الرَّضاعةِ» (١)، رواهُ أبو داودَ وغيرُه.

وهذا دَليلٌ على أنه كانَ يَنظرُ منها إلى ما يَظهرُ غالِبًا، فإنها قالَتْ: «يَراني فُضُلًا»، ومعناهُ في ثيابِ البِذْلةِ التي لا تَستُرُ أطرافَها.

وقالَ امرؤُ القَيسِ:

فجِئتُ وقد نَضَّتْ لنَومٍ ثِيابَها … لَدَى السِّتْرِ إلَّا لُبْسةَ المُتفضِّلِ

ومثلُ هذا يَظهرُ منه الأطرافُ والشَّعرُ، فكانَ يَراها كذلكَ إذِ اعتَقدتْهُ ولَدًا، ثم دلَّهمُ النبيُّ على ما يَستدِيمونَ به ما كانوا يَعتقدِونَه ويَفعلونَه.

ورَوَى الشَّافعيُّ في مُسنَدِه عن زَينبَ بنتِ أبي سلَمةَ أنها ارتَضعَتْ مِنْ أسماءَ امرأةِ الزُّبيرِ، قالَتْ: «فكُنتُ أَراه أبًا، وكانَ يَدخلُ عليَّ وأنا أَمشُطُ رأسِي فيأخُذُ ببَعضِ قُرونِ رأسي ويَقولُ: أقبِلي عَليَّ»، ولأنَّ التحرُّزَ مِنْ هذا لا يُمكِنُ، فأُبيحَ كالوجهِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٠٦١)، وأحمد (٢٥٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>