للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشَّافعيةُ في الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ عِندَهم إلى أنه لا يَجوزُ النَّظرُ إلى العَجوزِ مُطلَقًا، لا إلى وَجهِها ولا إلى كَفَّيها لغيرِ سَببٍ؛ لأنه ما مِنْ ساقِطةٍ إلَّا ولها لاقِطةٌ، ولهذا يَنتقِضُ الوُضوءُ بلَمسِها، ولأنَّ العَجوزَ الَّتي لا تُشتهَى قد يُوجَدُ لها مَنْ يُريدُها ويَشتهيها.

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : وأمَّا العَجوزُ فألحَقَها الغزَاليُّ بالشابَّةِ؛ لأنَّ الشَّهوةَ لا تَنضبطُ، وهي مَحلُّ الوَطءِ.

وقالَ الرُّويانِيُّ: إذا بلَغَتْ مَبلَغًا يُؤمَنُ الافتِتانُ بالنظرِ إليها جازَ النَّظرُ إلى وَجهِها وكَفَّيها؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ الآية [النور: ٦٠] (١).

وقالَ ابنُ حجَرٍ الهَيتميُّ : واختِيارُ الأذرَعيِّ قولُ جَمعٍ بحِلِّ نَظرِ وَجهِ وكَفِّ عَجوزٍ يُؤمَنُ مَنْ نَظرِهما الفِتنةُ؛ لآيَةِ: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النور: ٦٠] ضَعيفٌ؛ ويَردُّه ما مرَّ مِنْ سَدِّ البابِ، وأنَّ لكُلِّ ساقِطةٍ لاقِطةً، ولا دَلالةَ في الآيةِ كما هو جَليٌّ، بل فيها إشارةٌ للحُرمةِ بالتَّقييدِ ب ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾، واجتِماعُ أبي بَكرٍ وأنسٍ بأمِّ أيمَنَ وسُفيانَ وإضرابُه برابِعةَ لا يَستلزمُ النَّظرَ، على أنَّ مِثلَ هؤلاءِ لا يُقاسُ بهم غيرُهم، ومِن ثَمَّ جَوَّزوا لمِثلِهم الخَلوةَ (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٦٦٥).
(٢) «تحفة المحتاج» (٨/ ٤٨٩، ٤٩٠)، ويُنظَر: «نهاية المحتاج» (٦/ ٢١٨)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٢٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>