للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ العدَويُّ : واستُظهِرَ جَوازُ فِعلِ المصريِّينَ مِنْ فَتحِ فَمِها ونَظرِ أسنانِها، لكنَّ ظاهِرَ قَولِهم: «يَنظرُ الوَجهَ للجَمالِ واليَدينِ لخِصبِ البدَنِ» يَردُّ ذلكَ (١).

وقالَ الشَّافعيةُ: إنْ لم يَتيسَّرْ للخاطِبِ نَظرُه إليها بعَثَ امرأةً أو نحوَها تَتأمَّلُها وتَصفُها له؛ لأنه بعَثَ أمَّ سُليمٍ إلى امرأةٍ وقالَ: «انظُرِي عُرقوبَها (٢) وشُمِّي عَوارِضَها (٣)» (٤)، ويُؤخَذُ مِنْ الخبَرِ أنَّ للمَبعوثِ أنْ يَصفَ للباعِثِ زائِدًا على ما يَنظرُه، فيَستفيدُ بالبَعثِ ما يَستفيدُه بنَظرِه.

وهل يُقيَّدُ البَعثُ بعَدمِ التيسُّرِ؟ أم على إطلاقِه وإنْ تيسَّرَ؟

وهل له أنْ يَجمعَ بينَ النَّظرِ والبَعثِ لأنَّ في كلٍّ منهُما فَضيلةً ليسَتْ في الآخَرِ؟ أو لا لأنَّ أحَدَهما مُحصِّلٌ للغَرضِ؟ ومَحلُّ التردُّدِ حيثُ أتى بأحَدِهما ولم يَترتَّبْ عليه جَزمٌ بأحدِ الطَّرفينِ مِنْ الفعلِ والتَّركِ.


(١) «حاشية العدوي على شرح مختصر خليل» (٣/ ١٦٦)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٥)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٨٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٣٣)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٤٠٨).
(٢) العُرقوبُ: عَصبٌ خلْفَ الكَعبينِ بينَ مِفصَلِ القدَمِ والساقِ مِنْ ذَواتِ الأربَعِ، ومِن الإنسانِ فُوَيقَ الكَعبِ. «عون المعبود» (٧/ ١٧٢).
(٣) العَوارِضُ: هي الأسنانُ التي في عرضِ الفَمِ، وهي ما بينَ الثَّنايَا والأضراسِ، واحِدُها عارِضٌ، والمُرادُ اختِبارُ رائحةِ النَّكهةِ. «غريب الحديث» لابن قتيبة (١/ ٤١٦)، و «لسان العرب» (٧/ ١٨٠)
(٤) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أحمد (١٣٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>