للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّرورةِ في ذلكَ؛ لعُمومِ قولِ النبيِّ : «لَأنْ يُطعَنَ في رَأسِ أحَدِكم بمِخيَطٍ مِنْ حَديدٍ خَيرٌ له مِنْ أنْ يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ لَهُ» (١).

قالَ الحَنفيةُ: ولا يَجوزُ للخاطِبِ أنْ يمَسَّ وَجهَها ولا كَفَّيها وإنْ أَمِنَ الشَّهوةَ؛ لوُجوبِ الحُرمةِ وانعِدامِ الضَّرورةِ والبَلوى، ولأنَّ المَسَّ أغلَظُ، فمُنِعَ بلا حاجَةٍ (٢).

وقالَ الشَّافعيةُ: لا يَجوزُ مَسُّ المَخطوبةِ ولو لِأعمى، بخِلافِ النَّظرِ؛ إذ لا حاجَةَ إليهِ، والأعمَى يُرسِلُ مَنْ يَنظرُ له (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ حَجرٍ الهَيثميُّ : (الكَبيرةُ الثَّانيةُ والأربَعونَ والثَّالثةُ والأربَعونَ والرَّابعةُ والأربَعونَ بعدَ المِائتَينِ: نَظر الأجنَبيةِ بشَهوةٍ مع خَوفِ فِتنةٍ، ولَمسُها كذلكَ، وكَذا الخَلوةُ بها بأنْ لم يَكنْ معَهُما مَحرَمٌ لأحَدِهما يَحتشِمُه، ولوِ امرَأةً كذلكَ، ولا زَوجٍ لِتلكَ الأجنَبيةِ) أخرَجَ الشَّيخانِ وغيرُهما عن أبي هُريرةَ عنِ النبيِّ قالَ: «كُتِبَ على ابنِ آدمَ نَصيبُه مِنْ الزِّنا، مُدرِكُ ذلكَ لا مَحالَةَ، العَينانِ زِناهُما النَّظرُ، والأذُنانِ زِناهُما الاستِماعُ، واللِّسانُ زِناهُ الكَلامُ، واليَدُ زِناها البَطشُ، والرِّجلُ زِناها الخُطَا، والقَلبُ يَهوَى ويَتمنَّى، ويُصدِّقُ ذلكَ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الطبراني في «الكبير» (٢٠/ ٢١١) رقم (٤٨٦).
(٢) «المبسوط» (١٠/ ١٥٤)، و «الهداية» (٤/ ٨٣)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ١٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٣٧٠).
(٣) «مغني المحتاج» (٤/ ٢١٦)، و «الإقناع» (٢/ ٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>