للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُه: (إذا كانَ الامتناعُ مِنْ جهتِها) أي: لأنَّ الَّذي أعطَى لأجْلِه لم يَتمَّ، أمَّا إنْ كانَ الرُّجوعُ مِنْ جهتِه فلا رُجوعَ له قَولًا واحِدًا (١).

وقالَ الشَّافعيةُ: مَنْ خطَبَ امرأةً ثمَّ أنفَقَ عليها نَفقةً ليَتزوَّجَها فله الرُّجوعُ بما أنفَقَه على مَنْ دفَعَه له، سواءٌ أكانَ مأكلًا أم مَشرَبًا أم حلوى أم حُليًّا، وسواءٌ رجَعَ هو أم مُجيبُه أم ماتَ أحَدُهما؛ لأنه إنَّما أنفَقَه لأجْلِ تزوُّجِها، فيَرجعُ به إنْ بَقيَ، وببَدلِه إنْ تَلفَ، ولو كانَ ذلكَ بقَصدِ الهديَّةِ لا لأجْلِ تزوُّجِه بها لم يُختلَفْ في عَدمِ الرُّجوعِ؛ لأنَّ قَرينةَ سَبْقِ الخِطبةِ تُغلِّبُ على الظَّنَّ أنهُ إنَّما بعَثَ أو دفَعَ إليها لتَتمَّ تلكَ الخِطبةُ.

وقالُوا: لو دفَعَ الخاطِبُ بنَفسِه أو وكيلِه أو وليِّه شيئًا مِنْ مأكولٍ أو مَشروبٍ أو مَلبوسٍ لمَخطوبتِه أو وليِّها ثمَّ حصَلَ إعراضٌ مِنْ الجانبَينِ أو مِنْ أحَدِهما أو مَوتٌ لهما أو لأحَدِهما رجَعَ الدَّافعُ أو وارثُه بجَميعِ ما دفَعَه إنْ كانَ قبْلَ العقدِ مُطلَقًا، وكذا بعدَه إنْ طلَّقَ قبلَ الدُّخولِ أو ماتَ، لا إنْ ماتَتْ هي، ولا رُجوعَ بعدَ الدُّخولِ مُطلَقًا (٢).

وقالَ البجيرمِيُّ : وقدْ سُئلَ م ر عمَّن خطَبَ امرأةً وأنفَقَ عليها ولم يَتزوَّجْ بها، فهل له الرُّجوعُ بما أنفَقَه أم لا؟

فأجابَ بأنَّ له الرُّجوعَ بما أنفَقَه على مَنْ دفَعَه له، سواءٌ كانَ مأكَلًا أم


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٣/ ١١، ١٢).
(٢) «حاشية الجمل» (٤/ ١٢٩)، و «حاشية إعانة الطالبين» (٣/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>