للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَحرمُ على المرأةِ أو وليِّها بعدَ الرُّكونِ أنْ يَرجعَا عن ذلكَ إلى غيرِ الخاطِبِ (١).

وقالَ الحطَّابُ : هل لِمَنْ ركَنَتْ له امرأةٌ وانقَطعَ عنها الخُطَّابُ لرُكونِها إليهِ أنْ يَتركَها أو يُكرَهُ؟ والظَّاهرُ أنهُ يُكرهُ؛ لأنَّ العِدَةَ إنَّما كُرهَتْ في العدَّةِ، قالُوا: خوْفَ اختِلافِ الوَعدِ، واللهُ أعلَمُ (٢).

وقالَ الشَّافعيةُ: الخِطبةُ ليسَتْ بعَقدٍ شَرعيٍّ، وإنْ تَخيَّلَ كَونَها عَقدًا فليسَ بِلازمٍ، بل جَائزٌ مِنْ الجانبَينِ قَطعًا (٣)، فيَجوزُ لكُلِّ واحدٍ منهُما أنْ يفسَخَها.

وقالَ الحَنابلةُ: ولا يُكرهُ للوليِّ الرُّجوعُ عنِ الإجابةِ إذا رَأى المَصلحةَ لها في ذلكَ؛ لأنَّ الحَقَّ لها، وهو نائبٌ عنها في النَّظرِ لها، فلا يُكرهُ له الرُّجوعُ الَّذي رَأى المَصلحةَ فيهِ، كما لو ساوَمَ في بَيعِ دارِها ثمَّ تبيَّنَ له المَصلحةُ في تَركِها، ولا يُكرهُ لها أيضًا الرُّجوعُ إذا كَرهَتِ الخاطِبَ؛ لأنهُ عَقدُ عُمرٍ يَدومُ الضَّررُ فيهِ، فكانَ لها الاحتِياطُ لنَفسِها والنَّظرُ في حَظِّها.

وإنْ رجَعَا عن ذلكَ لغيرِ غَرضٍ كُرِهَ؛ لِما فيه مِنْ إخلافِ الوَعدِ والرُّجوعِ عنِ القولِ، ولم يَحرمْ؛ لأنَّ الحَقَّ بعدُ لم يَلزمْهُما، كمَن ساوَمَ بسِلعتِه ثمَّ بدَا له ألَّا يَبيعَها (٤).


(١) «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٦٨).
(٢) «مواهب الجليل» (٥/ ٣٧).
(٣) «حاشية الجمل» (٤/ ١٢٩)، و «حاشية البجيرمي على منهج الطلاب» (٣/ ٣٨٩).
(٤) «المغني» (٧/ ١١١)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٩)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>