كقولِها:«ما أنتَ إلَّا رضًى وما عنكَ رَغبةٌ»، أو أنْ تُقرِّرَ صَداقَها، أو بشَرطِ ما تُريدُ مِنْ الشُّروطِ لنَفسِها، أو خطَبَ رَجلٌ امرأةً إلى وليِّها وكانَ ممَّن يُخيِّرُها فعرَّضَ له بالإجابةِ ولم يُصرِّحْ، مثلَ أنْ يقولَ:«أنا أستَشيرُ في ذلكَ، أو أنتَ مَرغوبٌ فيكَ»، أو يَشترطَ شَرائطَ للعَقدِ مثلَ تَقديمِ المَهرِ وغيرِه، فاختَلفَ الفقهاءُ في حُكمِ ذلكَ، هل يَجوزُ للغيرِ أنْ يتقدَّمَ لخِطبتِها أم لا يَجوزُ؟
فذهَبَ الشَّافعيةُ في القَديمِ والحَنابلةُ في ظاهِرِ المَذهبِ -وقالَ العَمرانِيُّ: وهوَ قولُ مالكٍ وأبي حَنيفةَ- إلى أنهُ لا يَحلُّ لغيرِه خِطبتُها؛ لأنَّ الرُّكونَ يُستدلُّ عليهِ بالتَّعريضِ تارةً وبالتَّصريحِ أُخرى؛ لعُمومِ قولِ النبيِّ ﷺ:«لا يَخطُبْ أحَدُكم على خِطبةِ أخيهِ» ولم يُفصِّلْ، ولأنهُ وُجِدَ منها ما دَلَّ على الرِّضى بهِ وسُكونِها إليهِ، فحَرُمتْ خِطبتُها كما لو صرَّحَتْ بذلكَ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وأمَّا حديثُ فاطِمةَ فلا حُجةَ لهم فيه؛ فإنَّ فيه ما يَدلُّ على أنها لم تَركَنْ إلى واحِدٍ منهُما مِنْ وجهَينِ: