للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَعيفةَ الدِّينِ في صِيانةِ نَفسِها وفَرْجِها أزْرَتْ بزَوجِها وسَوَّدتْ بينَ الناسِ وجهَهُ، وشَوَّشتْ بالغَيرةِ قلبَه، وتَنغَّصَ بذلكَ عَيشُه، فإنْ سلَكَ سبيلَ الحَميِّةِ والغَيرةِ لم يَزلْ في بَلاءٍ ومِحنةٍ، وإنْ سلَكَ سبيلَ التَّساهلِ كانَ مُتهاوِنًا بدِينِه وعِرضِه ومَنسوبًا إلى قِلةِ الحَميةِ والأنَفةِ.

وإذا كانَتْ مع الفسادِ جَميلةً كانَ بَلاؤُها أشَدَّ؛ إذْ يَشقُّ على الزَّوجِ مُفارَقتُها، فلا يَصبِرُ عنها ولا يَصبِرُ عليها، ويكونُ كالَّذي جاءَ إلى رسولِ اللهِ وقالَ: «يا رسولَ اللهِ إنَّ لي امرأةً لا تَرُدُّ يَدَ لامِسٍ، قالَ: طلِّقْها، فقالَ: إني أحِبُّها، قالَ: أَمسِكْها» (١)، وإنما أمَرَه بإمساكِها خَوفًا عليهِ بأنهُ إذا طلَّقَها أتبَعَها نفْسَه، وفسَدَ هو أيضًا معَها، فرَأى ما في دَوامِ نكاحِه مِنْ دَفعِ الفَسادِ عنه مِنْ ضِيقِ قلبِه أَولى.

وإنْ كانَتْ فاسِدةَ الدِّينِ باستِهلاكِ مالِه أو بوَجهٍ آخَرَ لم يَزلِ العَيشُ مُشوَّشًا معهُ، فإنْ سكَتَ ولم يُنكِرْه كانَ شريكًا في المَعصيةِ مُخالِفًا لقولِه تعالَى: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦]، وإنْ أنكَرَ وخاصَمَ تَنغَّصَ العُمر، ولهذا بالَغَ رسولُ اللهِ في التَّحريضِ على ذاتِ الدِّينِ فقالَ: «تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدِينِها، فاظفَرْ بذاتِ


(١) صَحِيحُ الإسنادِ: رواه النسائي (٣٤٦٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٥٣٣٩، ٥٦٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>