وقالَ الحَنابلةُ: يُستحبُّ أنْ يكونَ العقدُ بعدَ خُطبةِ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ ﵁، يَخطُبُها العاقِدُ أو غيرُه مِنْ الحاضِرينَ قبلَ الإيجابِ والقَبولِ، وإنْ أخَّرَ الخُطبةَ عنِ العقدِ جازَ، ويَنبغي أنْ تُقالَ مع النِّسيانِ بعدَ العقدِ.
وكانَ الإمامُ أحمدُ إذا حضَرَ عقْدَ نكاحٍ ولم يُخطَبْ فيهِ بها قامَ وترَكَهم، وهذا منهُ على طَريقِ المُبالَغةِ في استِحبابها.
وهيَ ما ذكَرْتُه آنِفًا مِنْ حديثِ ابنِ مَسعودٍ ﵁.
ثمَّ يقولُ: وبعدُ: فإنَّ اللهَ أمَرَ بالنكاحِ ونهَى عنِ السِّفاحِ فقالَ مُخبِرًا وآمِرًا: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢] الآية.
ويُجزئُ عن ذلكَ أنْ يَتشهَّدَ ويُصليَ على النبيِّ ﷺ؛ لِما رُويَ عنِ ابنِ عمَرَ «أنه كانَ إذا دُعي لِيُزوِّجَ قالَ: «الحمدُ للهِ وصلَّى اللهُ على سيِّدِنا مُحمدٍ، إنَّ فُلانًا يَخطِبُ إليكم فلانةَ، فإنْ أنكَحتُموهُ فالحمدُ للهِ، وإنْ رَددتُموهُ فسبحانَ اللهِ».
والمُستحبُّ خُطبةٌ واحدةٌ لا خُطبتانِ اثنتانِ، إحداهُما مِنْ العاقدِ، والأُخرى مِنْ الزَّوجِ قبْلَ قبولِه؛ لأنَّ المَنقولَ عنه ﷺ وعنِ السَّلفِ خُطبةٌ واحِدةٌ، وهو أَولى ما اتُّبعَ (١).
(١) «المبدع» (٧/ ١٧)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢١، ٢٢)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute