للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ الحَنابلةُ: يُسَنُّ لِمَنْ له شَهوةٌ ولا يَخافُ الزِّنا؛ لقَولِ النبيِّ : «يا مَعشرَ الشَّبابِ مَنْ استَطاعَ منكُم الباءةَ فلْيَتزوَّجْ، فإنهُ أغَضُّ للبصَرِ وأحصَنُ للفَرْجِ، ومَن لم يَستطعْ فعليه بالصَّومِ، فإنهُ له وِجاءٌ» (١).

علَّلَ أمْرَه بهِ بأنهُ أغَضُّ للبَصرِ وأحصَنُ للفَرْجِ، وخاطَبَ الشَّبابَ؛ لأنهُم أغلَبُ شَهوةً، وذكَرَه ب (أفعَلَ) التَّفضيلِ، فدَلَّ على أنَّ ذلكَ أَولى؛ للأمْنِ مِنْ الوُقوعِ في مَحظورِ النَّظرِ والزِّنا مِنْ تَركِه.

ويُسَنُّ ولو كان فَقيرًا عاجِزًا عنِ الإنفاقِ على الصَّحيحِ؛ لأنَّ النبيَّ كانَ يُصبِحُ وما عِندهُم شَيءٌ، ويُمسِي وما عِندهُم شيءٌ؛ ولأنَّه «زوَّجَ رَجلًا لم يَقدرْ على خاتَمٍ مِنْ حَديدٍ، ولا وجَدَ إلَّا إزارَهُ، ولمْ يكُنْ له رِداءٌ» أخرَجَه البُخاريُّ.

وقالَ أحمَدُ في رَجلٍ قليلِ الكَسبِ يَضعفُ قَلبُه عنِ التَّزوجِ: اللهُ يَرزقُهم، التَّزوجُ أحصَنُ لهُ.

قالَ المِرْداويُّ : ولا فرْقَ في ذلكَ بينَ الغنيِّ والفَقيرِ على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ نصَّ عليهِ، وقيلَ: لا يتزوَّجُ فَقيرٌ إلَّا عندَ الضَّرورةِ، قالَ المِرْداويُّ: وهو الصَّوابُ في هذهِ الأزمِنةِ، واختارُه صاحِبُ «المُبهج» (٢).


(١) رواه البخاري (٤٧٧٨، ٤٧٧٩)، ومسلم (١٤٠٠).
(٢) «الإنصاف» (٨/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>