وقالَ الحنابلةُ: يجبُ النِّكاحُ على مَنْ يَخافُ الزِّنا بتَركِ النكاحِ مِنْ رَجلٍ وامرأةٍ، سواءٌ كانَ خَوفُه ذلكَ عِلمًا أو ظنًّا؛ لأنهُ يَلزمُه إعفافُ نَفسِه وصَرفُها عنِ الحَرامِ، وطَريقُه النكاحُ.
ويُقدَّمُ حِينئذٍ على حَجِّ واجِبٍ نصًّا؛ لخَشيةِ الوُقوعِ في المَحظورِ بتأخيرِه، بخِلافِ الحَجِّ.
ولا يَكتفِي في الخُروجِ مِنْ عُهدةِ الوُجوبِ بمرَّةٍ واحِدةٍ، بل يكونُ التَّزويجُ في مَجموعِ العُمرِ؛ لتَندفعَ خَشيةُ الوُقوعِ في المَحظورِ.
ولا يَكتفِي في الامتِثالِ بالعَقدِ فقطْ، بل يَجبُ الاستِمتاعُ؛ لأنَّ خَشيةَ المَحظورِ لا تَندفعُ إلَّا به.
ومَن أمَرَه به والِداهُ أو أحَدُهما وجَبَ عليهِ؛ لوُجوبِ بِرِّ والِديهِ.
وليسَ لأبوَيهِ إلزامُه بنكاحِ مَنْ لا يُريدُ نكاحَها؛ لعَدمِ حُصولِ الغرَضِ بها، فلا يكونُ عاقًّا بمُخالَفتِهما في ذلكَ، كأكلِ ما لا يُريدُ أكْلَه.
ويجبُ النكاحُ بالنَّذرِ مِنْ ذي الشَّهوةِ؛ لحَديثِ: «مَنْ نذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْه»، وأمَّا نحوُ العنِّينِ فيُخيَّرُ بينَه وبينَ الكفَّارةِ، كسائرِ المُباحاتِ إذا نذَرَها (١).
(١) «كشاف القناع» (٥/ ٥، ٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٩٩، ١٠٠)، و «الإنصاف» (٨/ ٨)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٣٠، ٥٣١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute